قرارات المحكمة الدستورية


قرار رقم : 224/24
تاريخ صدور القرار : 2024/01/10

 المملكة المغربية                                                                        الحمد لله وحده،
المحكمة الدستورية

 
ملفات عدد: 241/22 و242/22 و243/22              
قـرار رقـم: 224/24 م.إ 
 

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون

المحكمة الدستورية،

      بعد اطلاعها على العرائض الثلاث المسجلة بأمانتها العامة في 28 أكتوبر 2022،الأولى قدمها السيد أنوار عقيل بن علي - بصفته مترشحا - طالبا فيها إلغاء انتخاب السيد سعيد بعزيز، والثانية قدمها هذا الأخير - بصفته مترشحا فائزا - والسيد محمد براك - بصفته مترشحا - طالبين فيها إلغاء انتخاب السيد محمد البرنيشي، والثالثة قدمها السيد علي الجغاوي - بصفته مترشحا - طالبا فيها إلغاء انتخاب السيد سعيد بعزيز، في الانتخابات الجديدة التي أجريت في 29 سبتمبر 2022، بالدائرة الانتخابية المحلية "جرسيف" (إقليم جرسيف) والتي أعلن على إثرها انتخاب السيدين سعيد بعزيز ومحمد البرنيشي عضوين بمجلس النواب؛ 

وبعد اطلاعها على المذكرات الجوابية الثلاث المسجلة بنفس الأمانة العامة المذكورة في 7 و8 ديسمبر 2022، وعلى المذكرة الإضافية المسجلة في 10 يناير 2023 والمدلى بها من قبل السيد أنوارعقيل بن علي بعد منحه أجلا إضافيا للإدلاء بالمستندات المؤيدة لأسباب الطعن الوارد في عريضته؛ 

وبعد الاطلاع على المستندات المدلى بها، وعلى باقي الوثائق المدرجة في الملفات؛

وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)؛
 
وبناء على القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435 (13 أغسطس 2014)؛
 
وبناء على القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.165 بتاريخ 16 من ذي القعدة 1432 (14 أكتوبر2011)، كما وقع تغييره وتتميمه؛

وبناء على القانون رقم 57.11 المتعلق باللوائح الانتخابية العامة وعمليات الاستفتاء واستعمال وسائل الاتصال السمعي البصري العمومية خلال الحملات الانتخابية والاستفتائية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.171 بتاريخ 30 من ذي القعدة 1432 (28 أكتوبر 2011)، كما وقع تغييره وتتميمه؛

وبناء على المرسـوم رقم 2.16.669 المتعلق بتحديد الأماكن الخاصة بتعليق الإعلانات الانتخابية بمناسبة الانتخابات العامة لانتخاب أعضاء مجلس النواب الصادر في 6 من ذي القعدة 1437 (10 أغسطس 2016)؛
 
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛
 
وبعد ضم الملفات الثلاثة للبت فيها بقرار واحد لتعلقها بنفس الدائرة الانتخابية؛
 
في شأن المآخذ المتعلقة بالحملة الانتخابية:                          

حيث إن هذه المآخذ تتلخص في دعوى:

 أن المطعون في انتخابه الأول، السيد سعيد بعزيز: 

-    من جهة أولى، ظهر في صورة لنشاط انتخابي، بمعية الكاتب الأول للحزب الذي ترشح باسمه، وخلفهما العلم الوطني، مما يمثل استغلالا للرموز الوطنية،

-    ومن جهة ثانية، أن الكاتب الأول لذات الحزب، شارك في مسيرة في أحياء جرسيف، في إطار الحملة الانتخابية وتسلم في 25 سبتمبر 2022، رسالة تهم ساكنة جماعة صاكا، بخصوص إقصاء مجموعة من ذوي الحقوق من الاستفادة من الأراضي السلالية، وَاعدا إياهم بإثارة هذا الأمر أمام البرلمان، "ابتداء من يوم الغد"، وأعقب ذلك توجيه سؤال شفوي وكتابي وطلب لعقد اجتماع للجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكن وسياسة المدينة، للسيد وزير الداخلية في الموضوع، من لدن رئيس الفريق النيابي للحزب، نشرت في 27 سبتمبر 2022 بموقع للتواصل الاجتماعي، قبل افتتاح السنة التشريعية وقبل الاقتراع بيوم واحد، مما يمثل استغلالا لوثائق المؤسسة التشريعية و"إقحاما لهياكل البرلمان" في الدعاية الانتخابية، واستغلالا للساكنة من أجل الحصول على أصوات الدواوير المعنية، 

-    ومن جهة ثالثة، عمد إلى نشر إعلانات انتخابية تتضمن صورته لوحده، دون المرتب ثانيا بلائحة ترشيحه، في مخالفة للمادتين الأولى و23 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، ونشر إعلانات أخرى تضمنت صورة المترشحين المعنيين، برفقة الكاتب الأول للحزب الذي ترشحا باسمه، بشكل يوحي أن هذا الأخير هو وكيل لائحة الترشيح، مما يشكل تحايلا على الناخبين، الذين لم يتمكنوا من التعرف على ترتيب المترشحين في اللائحة، وأنه استمر في توزيع هذا الإعلان بالسوق الأسبوعي لجرسيف، ونشره بمواقع التواصل الاجتماعي ووزع في التجمع الانتخابي الذي عقد في 26 سبتمبر 2022، الذي عرف حضور الكاتب الأول للحزب المعني، مما يشكل مناورة تدليسية، ومساسا بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص، 

-    ومن جهة رابعة، لم يتقيد بضوابط الحملة الانتخابية المتخذة إعمالا للمرسوم بقانون المتعلق بحالة الطوارئ الصحية حيث أقام تجمعات انتخابية في أماكن متعددة، دون ترخيص واحترام لضوابط التباعد الاجتماعي؛

وأن المطعون في انتخابه الثاني، السيد محمد البرنيشي:  

-    من جهة أولى، خالف مقتضيات المادة 118 من القانون رقم 57.11، سالف الذكر، بعدما ظهر ابنه ومدير حملته الانتخابية سعيد البرنيشي، في شريط فيديو بقاعة الجلسات بمجلس المستشارين، خلال جلسة مخصصة للأسئلة الشفهية، وأن الشريط الذي يعود إلى تاريخ 14 يونيو 2022، أعيد نشره خلال الحملة الانتخابية، من قبل ابنه هذا "الكاتب الإقليمي"، للحزب الذي ترشح باسمه المطعون في انتخابه، وشاركه أيضا المرتب ثانيا بلائحة ترشيحه على صفحته بأحد مواقع التواصل الاجتماعي، مما يعد مناورة تدليسية ومسا بحرية الاقتراع،

-    من جهة ثانية، خالف نفس المقتضيات من خلال ارتكاب أفعال ماسة بالكرامة الإنسانية وبالحياة الخاصة وباحترام الغير، والتي تندرج في إطار "الاتجار بالبشر"، إذ كان يحمل العاملين والعاملات لديه على التصويت لفائدته بعد أداء اليمين على ذلك، مستعملا الترغيب والتهديد، وأن ابنه، "الكاتب الإقليمي" للحزب الذي ترشح باسمه، اتهم السيد سعيد بعزيز، بـ "الخبث" و"الكذب" "السياسيين"، و"عرقلة التنمية" في برنامج حواري بمناسبة الحملة الانتخابية، بتاريخ 27 سبتمبر 2022، بموقع للتواصل الاجتماعي، كما استغل في نفس الحوار، عناصر تشكل علامة تجارية، تتعلق باسم وحدة صناعية للنسيج، 

-    ومن جهة ثالثة، عمد المطعون في انتخابه إلى نشر وتعليق وتوزيع إعلانات انتخابية تتضمن صورا فوتوغرافية قديمة له وللمرتب ثانيا بلائحة ترشيحه، لا تعكس سنهما الحقيقي، وأن هذه الإعلانات تضمنت بيانات زائفة بخصوص صفة المترشح المرتب ثانيا، إذ ورد فيها أنه إطار بولاية جهة الشرق وفاعل جمعوي، وأنه يتوفر على دبلوم الماستر في الآداب ودبلوم الدراسات الجامعية في القانون، كل ذلك في مخالفة للمادة 51 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب،  

-    ومن جهة رابعة، استعمل مركبة ثقيلة ومكبرات صوت في المواكب الانتخابية التي نظمها وتسبب في إزعاج الساكنة، في مخالفة للمادتين 31 و34 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، 

-    ومن جهة خامسة، أن رئيس مجلس جماعة تادرت، المنتمي للحزب الذي ترشح باسمه المطعون في انتخابه الثاني، قدم وعودا لسكان دوار السمار بالجماعة المذكورة، بالقيام بمجموعة من الأشغال والخدمات تتعلق بشبكة الماء الشروب والإنارة العمومية والمسالك الطرقية، وهي الوعود التي شرع في إنجاز جزء منها خلال الحملة الانتخابية وذلك مقابل التصويت لفائدة المطعون في انتخابه المعني، واستعمل سيارة تابعة للجماعة، للقيام برفقة المرتب ثانيا في لائحة الترشيح بالحملة الانتخابية لفائدة المطعون في انتخابه، كل ذلك في مخالفة لأحكام المواد 37 و44 و62 و64 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، 

-    ومن جهة سادسة، أن المطعون في انتخابه، تسلم شيكات على سبيل الضمان، من رئيسي وأعضاء مكتبي مجلسي جماعتي هوارة أولاد رحو وتادرت، قصد ضمان التصويت لفائدته برسم الاقتراع موضوع الطعن، وعمد بشكل مباشر، وعن طريق أنصاره، إلى تقديم هدايا وتبرعات نقدية لاستمالة الناخبين للتصويت لفائدته، وحث الذين يشك في التزامهم على مقاطعة التصويت،

-    ومن جهة سابعة، أن الابن الثاني للمطعون في انتخابه، تعرض لحادثة سير بتراب قيادة مزكيتام، ليلة الثلاثاء 27 سبتمبر 2022، وكانت سيارته محملة بمبالغ مالية معدة للتوزيع على الناخبين، وقد أدلى الطاعن بتسجيل صوتي ينسبه للمطعون في انتخابه يستفسر ابنه حول مآل "الأشياء الموجودة بالسيارة" التي لها علاقة بالانتخابات، وأرسلها خطأ لإحدى المجموعات عبر تطبيق التراسل الفوري،

-    ومن جهة ثامنة، أن النائب الأول لرئيس مجلس جماعة رأس لقصر، المنتمي للحزب الذي ترشح باسمه المطعون في انتخابه، كان يقوم بالحملة الانتخابية لفائدة هذا الأخير بمقر الجماعة ولدى مرتفقيها حاملا لمنشورات ومرتديا قبعة برمز حزبه؛

لكن،

 بخصوص المطعون في انتخابه الأول، السيد سعيد بعزيز: 

حيث إنه، من جهة أولى، لئن أدلى الطاعنان الأول والثالث، تعزيزا لمأخذهما بمحاضر تضمنت معاينات لموقع للتواصل الاجتماعي تفيد استعمال الرموز الوطنية، فإن المادة 118 من القانون رقم 57.11، في صيغتها المغيرة بمقتضى القانون رقم 10.21 تنص على أنه: "يجوز بمناسبة الحملات الانتخابية استعمال علم المملكة والنشيد الوطني والصورة الرسمية لجلالة الملك المثبتة في القاعات التي تحتضن الاجتماعات المتعلقة بالحملة الانتخابية"، مما يكون معه المأخذ المثار بشأن ذلك غير قائم على أساس صحيح؛ 

وحيث إنه، من جهة ثانية، فإن ما أدلى به الطاعنان من محاضر معاينات لإثبات خروقات تهم الحملة الانتخابية، لا تنصب على وقائع قائمة ولا تعكس في مضمونها ما يطمئن إليه القاضي الانتخابي لتكوين قناعاته؛ 

وحيث إنه، ليس في القانون ما يمنع مشاركة أمين عام للحزب في الحملات الانتخابية، واستعمال صور وبيانات مسيري الأحزاب السياسية، التي ينتمي إليها المترشحون، لأغراض الدعاية الانتخابية، طالما أن هذه المشاركة تتم في إطار الضوابط القانونية المؤطرة لها ولم يترتب عنها ثبوت مناورة تدليسية للتأثير على إرادة الناخبين؛

وحيث إن المطعون في انتخابه نفى أي علاقة له بإعداد السؤال المزمع طرحه في البرلمان، بمبادرة من الحزب الذي ينتمي إليه، حول موضوع له علاقة بالمنطقة المعنية بالانتخابات ولم يكن له تأثير على الحملة الانتخابية موضوع الطعن؛
 
وحيث إنه، من جهة ثالثة، لئن أدلى الطاعن الأول بمحضري معاينتين بتاريخ25 سبتمبر و15 أكتوبر 2022، وكذا الطاعن الثالث بثلاثة محاضر معاينة، أجريت أيام 25 و27 و29 سبتمبر 2022، تهم منشورا انتخابيا للمطعون في انتخابه الأول، يتضمن صورته لوحده، فإن هذا الأخير نفى ذلك معززا جوابه، بإعلان انتخابي يتضمن صورتين وبيانات جميع المترشحين، مع إشهاد صادر عن صاحب المطبعة، يبين النماذج الوحيدة للمنشورات الورقية وكذا الملصقات المعتمدة، فضلا عن أن الصورة المدلى بها من قبل الطاعن تتعلق "بالإعلان عن لقاء"، مستخرج من موقع للتواصل الاجتماعي، سيعقده وكيل اللائحة في إطار الحملة الانتخابية وليس بمنشور انتخابي مقتبس من موقع إلكتروني، مما يكون معه الادعاء غير مبني على أساس؛

وحيث إنه، من جهة رابعة، أدلى الطاعن الأول بثلاثة محاضر معاينة، مؤرخة في20 و29 سبتمبر 2022، لإثبات عدم احترام المطعون في انتخابه الأول للإجراءات الاحترازية، وهو ما تم نفيه من طرف هذا الأخير في مذكرته الجوابية، فضلا على أنه يؤخذ من القرص المدمج ومن محاضر المعاينة، أن النشاط الانتخابي المذكور نظم في فضاء مفتوح، ولم يترتب عنه في نازلة الحال، بالنظر لمحدودية عدد المشاركين فيه، ولضيق نطاقه، مسا بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص بين المترشحين، مما يجعل الادعاء غير مرتكز على أساس؛

فيما يخص المطعون في انتخابه الثاني، السيد محمد البرنيشي:

حيث إنه، من جهة أولى، فإن محضر المعاينة المنجز من قبل مفوض قضائي بتاريخ 24 سبتمبر 2022، والمرفق بشريطي فيديو، المستخرجين من موقع للتواصل الاجتماعي، الخاص بابن المطعون في انتخابه الثاني، المتعلق بطرحه سؤالا شفويا بمجلس المستشارين، بتاريخ 14 يونيو 2022، والذي ادعى إعادة نشره خلال فترة الحملة الانتخابية، لا علاقة له بالمطعون في انتخابه، وتم نشره في تاريخ سابق عن هذه الحملة، وأنه لم يقترن بدعوة الناخبين بالتصويت لفائدة المترشح ولا بالمرتب ثانيا في لائحة الترشيح، مما لا يعد مخالفا للمادة 118 المذكورة من القانون سالف الذكر؛ 
 
وحيث إنه، من جهة ثانية، فإن الادعاءات المنسوبة للمطعون في انتخابه من قبل الغير، والمتعلقة بالمس بالكرامة الإنسانية والحياة الخاصة وعدم احترام الغير والابتزاز والاتجار بالبشر، موضوع محضر معاينة بتاريخ  26 سبتمبر 2022، وشريط فيديو، مستخرج من موقع للتواصل الاجتماعي، والادعاءات المنسوبة لابن المطعون في انتخابه من استعمال لألفاظ تنم عن الكراهية وعدم احترام الغير، استنادا لتسجيل فيديو، غير كافية لإثبات الادعاء، كما أنه، يبين من الاطلاع على محضر معاينة منجز بتاريخ 28 سبتمبر 2022، وعلى الفيديو المسجل بالقرص المدمج المدلى به أنه لا يشكل مخالفة للمادة 118 المذكورة، على اعتبار أن المترشحين لم يظهرا أي عنصر أو مكان أو مقر يمكن أن يشكل علامة تجارية؛

وحيث إنه، من جهة ثالثة، لئن أدلى الطاعن لإثبات ادعاءاته بمنشورات انتخابية ومحضر معاينة بتاريخ 17 سبتمبر 2022، وشريط فيديو للمطعون في انتخابه الثاني والمرتب ثانيا في لائحة الترشيح، فإنه ليس في القانون ما يمنع استعمال صور شخصية قديمة من قبل المترشحين في اللائحة، فضلا عن أن المرتب ثانيا في لائحة الترشيح، أدلى رفقة مذكرته الجوابية، بما يثبت نشاطه الجمعوي ومؤهلاته المهنية والجامعية، مما يبقى معه الادعاء غير قائم على أساس؛ 

وحيث إنه، من جهة رابعة، فإن ادعاء تنظيم مسيرات ومواكب متنقلة، تحمل إعلانات ولافتات انتخابية أو تستعمل مكبرات الصوت، من دون تقديم إشعار مكتوب إلى السلطة الإدارية المحلية، يعوزه الإثبات، فضلا على أن محضر المعاينة المدلى به، والمؤرخ في 20 سبتمبر 2022، يتضمن فقط الإشارة إلى معاينة جرار واحد يحمل شعارات المطعون في انتخابه؛ 

 وحيث إنه، من جهة خامسة، لئن أدلى الطاعن الثاني بمحضر معاينة اختيارية بتاريخ 28 سبتمبر 2022، وشريط فيديو لإثبات ادعاءاته المتعلقة باستغلال المنجزات المبرمجة في جماعة تادرت واستعمال سيارة هذه الأخيرة، فإن هذه المعاينة لا تقوم حجة على إثبات ذلك وأن شريط الفيديو المدلى به لا يثبت ما ادعاه الطاعن وأن الشكايتين اللتين أدلى بهما الطاعن لإثبات الادعاءات المذكورة انتهى فيهما الإجراء إلى اتخاذ "قرار الحفظ"، حسب كتاب وكيل الملك  لدى المحكمة الابتدائية بجرسيف المتوصل به بتاريخ 10 ماي 2023، وأن ما قام به رئيس مجلس الجماعة من إنجاز أشغال يدخل ضمن اختصاصاته، وتم بموجب صفقة عمومية مبرمة بتاريخ سابق على الحملة الانتخابية، مدلى بنسخة منها؛

وحيث إنه، من جهة سادسة، فإن ادعاء تسلم المطعون في انتخابه شيكات على سبيل الضمان والحصول على أصوات الناخبين بفضل هدايا وتبرعات نقدية، لم يدل بشأنها بأي إثبات؛

وحيث إنه، من جهة سابعة، فإن ادعاء تعرض سيارة ابن المطعون في انتخابه الثاني لحادثة سير، وبها أموال لتوزيعها على الناخبين، وأن كلا من الخبر المنشور في موقع للتواصل الاجتماعي، والتسجيل الصوتي المجهول المصدر، لا يقومان لوحدهما حجة على إثبات ذلك؛
 
وحيث إنه، من جهة ثامنة، فإن ادعاء قيام نائب أول لرئيس مجلس جماعة رأس لقصر، بحملة انتخابية لفائدة المطعون في انتخابه، في مقر الجماعة، جاء مجردا من أي حجة تثبته؛

وحيث إنه بناء على ما سبق بيانه، فإن المآخذ المتعلقة بالحملة الانتخابية تبقى غير مرتكزة على أساس صحيح؛

في شأن المأخذ المتعلق بتشكيل مكاتب التصويت: 

حيث إن هذا المأخذ يتلخص في دعوى أن مكتب التصويت رقم 26 بجماعة تادرت، ضم عضوين تربطهما قرابة بالمطعون في انتخابه الثاني، ويتقاسمان معه نفس الانتماء السياسي، مما أدى حسب قوله إلى تغيير نتيجة الاقتراع بالمكتب المذكور؛ 

لكن،

حيث إن تشكيل مكاتب التصويت، يعد من اختصاص العامل وفق المادتين 73 و74 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، طالما أنه لم يثبت أي تأثير على نتيجة الاقتراع من طرف أعضاء المكتب، ولم تسجل أية ملاحظة في هذا الشأن بمحضر مكتب التصويت رقم 26 بجماعة تادرت، مما يبقى معه هذا المأخذ غير مرتكز على أساس؛

في شأن المأخذين المتعلقين بسير الاقتراع: 

حيث إن هذين المأخذين يتلخصان في دعوى: 
-    من جهة، أن المطعون في انتخابه الأول، استمر في القيام بالحملة الانتخابية يوم الاقتراع، في مخالفة للمادة 39 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب،

-    ومن جهة أخرى، أن أحد أنصار المطعون في انتخابه الثاني، وهو ممثل لائحة ترشيحه بأحد مكاتب التصويت، قام بتوزيع المال على الناخبين من أجل التصويت لفائدة المطعون في انتخابه المعني، وأنه حاول التصويت محل أحد الناخبين بدعوى أنه فاقد للبصر، وأن ممثل لائحة ترشيح منافسه اعترض على ذلك، مما عرضه للضرب والجرح من قبل المناصر المذكور، وترتب عن ذلك توقف عملية التصويت بالمكتب المعني؛ 

لكن،

حيث إن الطاعن الأول، لئن أدلى بمحضر معاينة لصفحة مستخرجة من موقع للتواصل الاجتماعي، مؤرخة في 29 سبتمبر 2022 (يوم الاقتراع)، تضمنت منشورا انتخابيا للمطعون في انتخابه الأول على هذه الصفحة، فإن استمرار تعليق الملصقات الانتخابية يوم الاقتراع، ليس فيه ما يخالف القانون، طالما أن عملية التعليق قد تمت قبل اليوم المذكور، كما أن المادة 33 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب لا تلزم المترشحين بإزالة الإعلانات الانتخابية بمجرد انتهاء الحملة الانتخابية، بل تخول لهم أجل خمسة عشر يوما، الموالية لإعلان النتائج لإزالتها وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه؛

وحيث إنه، تبعا لذلك، يكون ما ادعي من نشر المطعون في انتخابه الأول لملصقاته الانتخابية يوم الاقتراع، غير قائم على أساس صحيح؛ 

وحيث يؤخذ من مضمون حكم المحكمة الابتدائية بجرسيف عدد 5973، الصادر بتاريخ 10 نوفمبر 2022، ومن مضمون قرار محكمة الاستئناف بوجدة عدد 1091 بتاريخ 8 يونيو 2023، المتوصل به من طرف الرئيس الأول بمحكمة الاستئناف بوجدة بتاريخ 19 ديسمبر 2023، القاضي بتأييد الحكم المستأنف، مع إضافة عقوبة حبسية لمدة شهر واحد موقوفة التنفيذ وغرامة 1000 درهم، لم يتضمن الإشارة لأي علاقة تربط المتهم بالمطعون في انتخابه الثاني، مما يكون معه هذا المأخذ غير مرتكز على أساس، فضلا عن أن الوقائع موضوع المؤاخذة تمت خارج مكتب التصويت كما هو ثابت بمحضر الدرك الملكي المرفق بعريضة الطعن، مما تكون معه هاته الوقائع غير ذات تأثير على نتيجة الاقتراع، ويبقى الادعاء حولها غير مؤسس؛

في شأن المأخذ المتعلق بفرز الأصوات وإحصائها: 

حيث إن هذا المأخذ يتلخص في دعوى أن عدد الأوراق الملغاة برسم الاقتراع موضوع الطعن، وهو 2119 ورقة، "يبعث على الشك في مصداقية ونزاهة العملية الانتخابية"، باعتبار الفارق بين الأصوات المحصل عليها من قبل الطاعن الثالث (8110 صوتا)، والمطعون في انتخابه الأول (8551) هو 441 صوتا، وأن ممثلي الطاعن الثالث، بمكاتب التصويت، أثاروا ذلك، غير أن رؤساء مكاتب التصويت تجاهلوا ملاحظاتهم، مما يستلزم "استحضار الأوراق الملغاة"، والفصل فيها؛ 

لكن،

حيث إن الادعاء جاء عاما لعدم تحديد أرقام ومقار مكاتب التصويت المعنية بالأوراق الملغاة، كما أن المحاضر المتعلقة بها جاءت خالية من أي ملاحظة في هذا الشأن، مما يكون معه المأخذ المتعلق بفرز الأصوات وإحصائها غير قائم على أساس؛

في شأن البحث المطلوب:

وحيث إنه، بناء على ما سبق بيانه، لا داعي لإجراء البحث المطلوب؛

لهـذه الأسباب:

ومن غير حاجة إلى الفصل فيما أثير من دفع بعدم قبول الطعن من حيث الشكل؛

  أولا: تقضي برفض طلبي السيدين أنوار عقيل بن علي وعلي الجغاوي،الراميين إلى إلغاء انتخاب السيد سعيد بعزيز، وكذا الطلب المقدم من طرف هذا الأخير، والسيد محمد براك، الرامي إلى إلغاء انتخاب السيد محمد البرنيشي، في الانتخابات الجديدة التي أجريت في 29 سبتمبر 2022، بالدائرة الانتخابية المحلية "جرسيف" (إقليم جرسيف)، والتي أعلن على إثرها انتخاب السيدين سعيد بعزيز ومحمد البرنيشي، عضوين بمجلس النواب؛ 

ثانيا: تأمر بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى كل من السيد رئيس مجلس النواب وإلى الجهة الإدارية التي تلقت الترشيحات بالدائرة الانتخابية المذكورة وإلى الأطراف المعنية، وبنشره في الجريدة الرسمية.

 وصدر بمقر المحكمة الدستورية بالرباط في يوم الأربعاء 27 من جمادى الآخرة 1445
 (10 يناير 2024)

الإمضــاءات

محمد أمين بنعبد الله

                         عبد الأحد الدقاق                   محمد بن عبد الصادق                 

   لطيفة الخال            الحسين اعبوشي              محمد علمي                 خالد برجاوي 

 أمينة المسعودي         نجيب أبا محمد            محمد قصري             محمد ليديدي