المملكة المغربية الحمد لله وحده
المجلس الدستوري
ملف رقم : 1155/10
قرار رقم : 786/10 م. د
باسم جلالة الملك
المجلس الدستوري ،
بعد اطلاعه على القانون التنظيمي رقم 09-60 المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي، الذي أحاله عليه السيد الوزير الأول رفقة كتابه المسجل بالأمانة العامة للمجلس الدستوري في 4 فبراير2010، وذلك من أجل البت في مطابقته للدستور، عملا بأحكام الفقرة الأخيرة من الفصل 58 والفقرة الثانية من الفصل81 من الدستور؛
وبناء على الدستور، خصوصا الفصول 58 و81 و93 و94 و95 منه؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري الصادر في 14 رمضان 1414 (25 فبراير 1994)، كما وقع تغييره وتتميمه، خصوصا الفقرة الأولى من المادة 21 والفقرة الثانية من المادة 24 منه؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون ؛
وحيث إن الدستور يسند في فصله 95 إلى قانون تنظيمي تحديد تركيب المجلس الاقتصادي والاجتماعي وتنظيمه وصلاحياته وطريقة تسييره؛
من حيث الشكل والإجراءات المتبعة لإقرار القانون التنظيمي :
حيث إنه يبين من الوثائق المدرجة في الملف أن القانون التنظيمي المعروض على نظر المجلس الدستوري قام السيد الوزير الأول بإيداع مشروعه أولا بمكتب مجلس المستشارين في 27 أكتوبر2009، وأن هذا المجلس ابتدأ المداولة فيه يوم29 ديسمبر2009 ؛
وحيث إن القانون المذكور ورد في شكل قانون تنظيمي وفق أحكام الفصل 95 من الدستور، وتم عرض مشروعه للمداولة والتصويت بمراعاة الأجل المقرر في الفصل 58 منه؛
من حيث الموضوع :
حيث إن القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي، المعروض على نظر المجلس الدستوري، يحتوي على ديباجة و39 مادة تتوزع على سبعة أبواب، خصص الأول منها لأحكام تمهيدية ويقتصر على مادة واحدة، والثاني لصلاحيات المجلس ويشمل المواد من 2 إلى 10، والثالث لتركيبه ويتضمن المواد من 11 إلى 17، والرابع لتنظيمه ويتعلق بالمواد من 18 إلى 22، والخامس لطريقة تسييره ويتكون من المواد 23 إلى 28، والسادس لتنظيمه الإداري والمالي ويحتوي على المواد من 29 إلى 35، والسابع لأحكام مختلفة وانتقالية ويشتمل على المواد من 36 إلى 39؛
فيما يتعلق بالديباجة:
حيث إن القوانين التنظيمية تعد منبثقة عن الدستور ومكملة له وتغدو أحكامها بعد تصريح المجلس الدستوري بمطابقتها للدستور امتدادا له؛
وحيث إنه، تبعا لذلك، وإن كان ليس في الدستور ما يحول دون تصدير قانون تنظيمي بديباجة له، فإنه يبين من النظر في ديباجة القانون التنظيمي المعروض على المجلس الدستوري، أنها لا تعدو أن تكون مجرد أفكار عامة لا تتضمن مبادئ من صميم محتويات القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي، كما حددها الفصل 95 من الدستور، مما لا يتأتى معه فحص دستوريتها على الحال، ويتعين بالتالي اعتبارها غير مندرجة في النطاق المحدد لهذا القانون التنظيمي؛
فيما يتعلق بالباب الأول:
حيث إن المادة الفريدة في هذا الباب تعد مجرد تذكير بما تضمنته أحكام الفصل 95 من الدستور فيما يخص صلاحيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي وتركيبه وتنظيمه وطريقة تسييره، مما يجعلها تكتسي طابع قانون تنظيمي، وتطابق الدستور؛
فيما يتعلق بالباب الثاني:
حيث إن هذا الباب من القانون التنظيمي المعروض على نظر المجلس الدستوري، الذي يشمل المواد من 2 إلى 10، يحدد صلاحيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي وطرق ممارسته لها؛
في شأن المادة 2:
حيث إنه يتضح من تحليل ما تضمنته الفقرة الثانية من هذه المادة أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي لا تنحصر مهامه في تقديم اقتراحات في الميادين الاقتصادية والاجتماعية، بل تتعداها لتتضمن بالإضافة إلى ذلك الميادين الثقافية والبيئية، وأن هذه الميادين الأخيرة، وإن لم ينص عليها الدستور صراحة ضمن اختصاصات المجلس الاقتصادي والاجتماعي، إلا أن القانون التنظيمي لهذا المجلس، كما ينص على ذلك الفصل 95 من الدستور، ينفرد، مقارنة مع القوانين التنظيمية الأخرى، بكونه لا يقتصر على تحديد تركيب هذا المجلس وتنظيمه وطريقة تسييره بل يشمل أيضا تحديد صلاحياته، مما يكون معه توسيع نطاق صلاحيات المجلس لتمتد إلى الميادين الثقافية والبيئية قد راعى في مضمونه الإطار العام المسند إليه بالدستور، ولم يمس بالاختصاصات التي عهد بها هذا الأخير إلى مؤسسات دستورية أخرى، ولم يخالف حكما من أحكامه؛
وحيث إن نفس الفقرة تنص على أن من ضمن مهام المجلس "تيسير وتدعيم التشاور والتعاون بين الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين والمساهمة في بلورة ميثاق اجتماعي"، وهي صلاحية وإن كانت تندرج في سياق أعماله وانشغالاته الاقتصادية والاجتماعية كإطار لبلورة تصورات واقتراح أساليب وأنماط للتشاور والتعاون بين جميع الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين، إلا أن ذلك يستلزم أن لا يتجاوز المجلس، في ممارسته لها، نطاق مهمته الاستشارية؛
وحيث إنه، تبعا لذلك، ليس في أحكام هذه المادة ما يخالف الدستور؛
في شأن المادة 3:
حيث إن أحكام هذه المادة تنص على أنه، باستثناء مشاريع قوانين المالية، تحيل الحكومة ومجلسا البرلمان، كل فيما يخصه، وجوبا على المجلس الاقتصادي والاجتماعي قصد إبداء الرأي، مشاريع ومقترحات القوانين التي تضع إطارا للأهداف
الأساسية للدولة في الميادين الاقتصادية وفي مجال التكوين، وكذا المشاريع المرتبطة بالاختيارات الكبرى للتنمية ومشاريع الاستراتيجيات المتعلقة بالسياسة العامة للدولة في الميادين الاقتصادية وفي مجال التكوين؛
وحيث إنه يبين من تحليل أحكام هذه المادة ما يلي:
1 ـ فيما يخص وجوب إحالة الحكومة ومجلس النواب ومجلس المستشارين، مشاريع ومقترحات القوانين المذكورة في هذه المادة على المجلس قصد إبداء الرأي، يتضح، من جهة، إنه لئن كانت استشارة المجلس من لدن الحكومة ومجلسي البرلمان، طبقا لمقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 94 من الدستور، اختيارية، إلا أنه يستفاد من الفقرة الثانية من نفس الفصل التي تنص على: "ويدلي المجلس برأيه في الاتجاهات العامة للاقتصاد الوطني والتكوين"، أنه فيما يخص الاتجاهات العامة للاقتصاد الوطني والتكوين، دون سواها، يمكن أن تكون استشارة المجلس وجوبية، وبإمعان النظر في نوعية المشاريع والمقترحات الواردة ضمن المادة المذكورة التي تتعلق كلها بمجالات ذات طبيعة استراتيجية كبرى، يتبين أنها تندرج عموما في الاتجاهات العامة للاقتصاد الوطني والتكوين، ومن جهة أخرى، إن الفصل 95 من الدستور، كما سلف بيانه، يخول للقانون التنظيمي تحديد صلاحيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الأمر الذي يبيح لهذا القانون التنظيمي أن يعتبر استشارة هذا المجلس في بعض هذه الصلاحيات إلزامية، وهو ما لا يخالف الدستور ؛
2 ـ فيما يتعلق بمشاريع ومقترحات القوانين التي تضع إطارا للأهداف الأساسية للدولة في مجال التكوين، فإنه إذا كانت القوانين التنظيمية لا يجوز لها توسيع الاختصاص التشريعي للبرلمان المحدد أساسا بموجب الفصل 46 من الدستور، فإنه يتضح أن مجال التكوين المتحدث عنه في هذه المادة، وإن لم يرد صراحة ضمن القوانين التي تضع إطارا للأهداف الأساسية لنشاط الدولة في الميادين الاقتصادية والاجتماعية، التي للبرلمان صلاحية التصويت عليها، وفق أحكام الفقرة الأخيرة من الفصل 46 المذكور، إلا أن مجال التكوين يندرج ضمنيا في عمومية هذه الميادين، ويعد جزءا لا يتجزأ منها، مما يجعل هذا المقتضى بدوره لا يخالف الدستور، طالما أن التشريع في هذا المضمار يقتصر على رسم الأهداف الأساسية لنشاط الدولة؛
وحيث إنه، تبعا لذلك، تكون أحكام المادتين 2 و3 من الباب الثاني كما تم فحص فحواهما أعلاه، بالإضافة إلى أحكام مواده الأخرى 4 و5 و 6 و7 و8 و9 و10، لها طابع قانون تنظيمي، وليس فيها ما يشوب دستوريتها؛
فيما يتعلق بالباب الثالث:
حيث إن هذا الباب يتعلق بتركيب المجلس ويتضمن المواد من11 إلى17؛
في شأن المادة 13 :
حيث إن أحكام هذه المادة في فقرتها الثالثة، تنص على أنه لا يجوز أن يكون أعضاء في المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأشخاص المشار إليهم في المادة 5 من القانون رقم 97-9 بمثابة مدونة الانتخابات؛
وحيث إن تضمين هذه المادة الأخيرة، في القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي، يعني أن حالات فقدان الأهلية المنصوص عليها في أحكامها تسري على أعضاء هذا المجلس، وتحول دون تعيينهم واستمرارهم في مزاولة مهامهم؛
وحيث إنه، لئن كانت شروط تعيين أعضاء المجلس تعتبر من مشمولات تركيبه، فإن إدراج أحكام المادة المذكورة في صلب قانون تنظيمي، وهي الأحكام التي تبين للمجلس الدستوري أن مضمونها الحالي لا يخالف الدستور، ليس من شأنه أن يضفي عليها، خارج إطار النص موضوع الإحالة، صبغة مقتضى من مقتضيات قانون تنظيمي ؛
وحيث إنه، مع مراعاة ما سبق، فإن المادة 13 من الباب الثالث إلى جانب مواده 11 و12 و14 و15 و16 و17 تكتسي طابع قانون تنظيمي، وليس فيها ما يخالف الدستور؛
فيما يتعلق بالباب الرابع:
حيث إن الباب الرابع المتعلق بتنظيم المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الذي يحتوي على المواد من 18 إلى 22 ، تكتسي أحكامه بدورها طابع قانون تنظيمي، وليس فيها ما يخالف الدستور؛
فيما يتعلق بالباب الخامس:
حيث إن الباب الخامس المخصص لطريقة تسيير المجلس الاقتصادي والاجتماعي يتكون من المواد 23 إلى 28؛
في شأن المادة 28 :
حيث إن من بين ما تضمنته أحكام هذه المادة تخويل رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي إمكانية انتداب أحد أعضاء المجلس لتقديم وجهة نظره وشروحاته، بطلب من رئيس أحد مجلسي البرلمان، أمام إحدى اللجان الدائمة المعنية بهما حول مقترحات القوانين المعروضة عليه؛
وحيث إن أحكام الفصل 94 من الدستور خصت مجلسي البرلمان، إلى جانب الحكومة، باستشارة المجلس الاقتصادي والاجتماعي في كل القضايا التي لها طابع اقتصادي واجتماعي، وهو ما يتيح للجان البرلمانية الدائمة ـ التي من مهامها الإحاطة بجميع جوانب القضايا المعروضة عليها ـ أن تستمع، في نطاق هذه الاستشارة، إلى مندوب المجلس الاقتصادي والاجتماعي ليعرض وجهة نظر هذا الأخير وشروحاته حول مقترحات القوانين المعروضة عليه، وليس في ذلك ما يخالف الدستور؛
وحيث إنه، على مقتضى ذلك، تكتسي أحكام المادة 28، كما تم تحليل مضمونها آنفاً، وباقي مواد هذا الباب 23 و24 و25 و26 و27 طابع قانون تنظيمي، وليس فيها ما يخالف الدستور؛
فيما يتعلق بالباب السادس:
حيث إن الباب السادس يشمل المواد من 29 إلى 35 تتعلق كلها بالتنظيم الإداري والمالي للمجلس، وهي أحكام متصلة بتنظيم المجلس وتسييره، مما يجعلها تكتسي بدورها طابع قانون تنظيمي، وليس فيها ما يخالف الدستور؛
فيما يتعلق بالباب السابع:
حيث إن الباب السابع يحتوي على المواد من 36 إلى 39 وتتعلق بأحكام مختلفة وانتقالية؛
في شأن المادة 37:
1 ـ فيما يخص ما تنص عليه هذه المادة من أن كيفية تنظيم وتسيير المجلس وأجهزته تحدد بموجب نظام داخلي يضعه المجلس ويقره بالتصويت؛
حيث إن الفصل 95 من الدستور ينص على أن القانون التنظيمي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي يحدد أيضا صلاحيات هذا المجلس، وهو ما ينفرد به هذا القانون التنظيمي كما سلف بيانه، مما يخول لهذا الأخير إمكانية أن يسند للمجلس نفسه، بموجب نظام داخلي، صلاحية تحديد كيفية تنظيم وتسيير أجهزته، وليس في ذلك ما يخالف الدستور مادام أن المشرع قد تولى عموما إقرار قواعد تنظيم وتسيير المجلس، واشترط إحالة هذا النظام الداخلي على المجلس الدستوري للبت في مطابقته لكل من أحكام الدستور وهذا القانون التنظيمي، إلا أن هذه الصلاحية يجب أن لا تُفهم على أنها تنطوي على الحد من صلاحية البرلمان في تحديد كيفية تنظيم وتسيير المجلس وأجهزته مباشرة عن طريق قانون تنظيمي، وهي سلطة أصلية يستمدها البرلمان من الفصل 95 من الدستور؛
2 ـ فيما يخص ما تنص عليه هذه المادة من أن النظام الداخلي يحال إلى المجلس الدستوري للبت في مطابقته لكل من أحكام الدستور وهذا القانون التنظيمي؛
حيث إنه، لئن كان الدستور، لدى تحديده للمواضيع التي تعرض على المجلس الدستوري لم يشر صراحة إلى عرض أنظمة داخلية عليه للتحقق من دستوريتها باستثناء النظام الداخلي لمجلسي البرلمان، فإن ما تنص عليه الفقرة الأولى من الفصل 81 من الدستور، من كون المجلس الدستوري يمارس الاختصاصات المسندة إليه بفصول الدستور أو بأحكام القوانين التنظيمية، يفسح المجال للقانون التنظيمي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي لتخويل صلاحية البت في دستورية نظامه الداخلي إلى المجلس الدستوري، مما يكون معه هذا المقتضى بدوره مطابقا للدستور؛
وحيث إنه، تبعا لذلك، يكتسي مضمون المادة 37 التي تم فحصها سالفاً، وباقي أحكام الباب السابع الواردة في المواد 36 و38 و39 طابع قانون تنظيمي، لارتباطها ارتباطا وثيقا بأحكام لها نفس الطابع، وليس فيها ما يخالف الدستور؛
لهذه الأسباب
أولا: يصرح بأن الديباجة التي تصدرت القانون التنظيمي رقم 09-60 المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي لا تندرج في النطاق المحدد لهذا القانون التنظيمي، ويتعين فصلها عن مجموع أحكامه؛
ثانيا: يصرح بأن أحكام هذا القانون التنظيمي ليس فيها ما يخالف الدستور، مع مراعاة التفسير الوارد في الحيثيات المتعلقة بكل من الفقرة الثانية من المادة 2 والمادة 3 من الباب الثاني والفقرة الثالثة من المادة 13 من الباب الثالث، والمادة 28 من الباب الخامس والمادة 37 من الباب السابع؛
ثالثا: يأمر بتبليغ نسخة من قراره هذا إلى السيد الوزير الأول وبنشره في الجريدة الرسمية.
وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط في يوم الثلاثاء 15 ربيع الأول 1431 (2 مارس 2010)
الإمضاءات
محمد أشركي
عبد القادر القادري عبد الأحد الدقاق هانيء الفاسي صبح الله الغازي
حمداتي شبيهنا ماء العينين ليلى المريني أمين الدمناتي عبد الرزاق مولاي ارشيد
محمد الصديقي رشيد المدور محمد أمين بنعبد الله