المملكة المغربية الحمد لله وحده
المجلس الدستوري
ملفات رقم : 901/07 و915/07 و934/07
قرار رقم : 780/09 م. د
باسم جلالة الملك
المجلس الدستوري ،
بعد اطلاعه على العرائض الثلاث المسجلة بأمانته العامة بتاريخ 20 و21 سبتمبر2007، المقدمة من طرف السادة محمد رفيق وابراهيم رشيدي وسعيد سافري ـ بصفتهم مرشحين ـ الأول طالبا فيها إلغاء انتخاب السيدين عبد الكريم شكري وعبد الحق الشفيق، والآخران طالبين فيهما إلغاء نتيجة الاقتراع الذي أجري بتاريخ 7 سبتمبر2007، بالدائرة الانتخابية "النواصر" (إقليم النواصر) وأعلن على إثره انتخاب السادة عبد الكريم شكري وعبد الحق الشفيق ومحمد قريما أعضاء بمجلس النواب؛
وبعد التأكد بالرجوع إلى أوراق الملف أن السيد سعيد سافري لم يدل بباقي المستندات المعززة لطعنه بعد أن منحه المجلس الدستوري أجلا لذلك بناء على طلبه؛
وبعد الاطلاع على المذكرات الجوابية المسجلة بنفس الأمانة العامة في 30 يناير و1 و7 فبراير و18 و19 مارس 2008، واستبعاد المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف السيد محمد قريما والمسجلة بالأمانة العامة المذكورة في 25 مارس 2008 ، لإيداعها خارج الأجل الذي حدده المجلس الدستوري؛
وبعد الاطلاع على المستندات المدلى بها، وعلى باقي الوثائق المدرجة في الملفات؛
وبناء على الدستور ، خصوصا الفصل 81 منه ؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري الصادر في 14 رمضان 1414 (25 فبراير 1994)، كما وقع تغييره وتتميمه؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 97-31 المتعلق بمجلس النواب الصادر في فاتح جمادى الأولى 1418 (4 سبتمبر 1997)، كما وقع تغييره وتتميمه؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون ؛
وبعد ضم الملفات الثلاثة للبت فيها بقرار واحد لتعلقها بنفس العملية الانتخابية ؛
في شأن المأخذ المتعلق بانعدام أهلية الترشح بالنسبة للمطعون في انتخابه السيد محمد قريما:
حيث إن هذا المأخذ يقوم على أساس أن المطعون في انتخابه السيد محمد قريما لم يكن مؤهلا للترشيح للانتخابات التشريعية المجراة في 7 سبتمبر2007، بسبب فقدانه أهلية الترشيح على إثر الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بتاريخ 27 دجنبر2005 تحت رقم 10677/05 ، الذي أدانه بسنتين حبسا نافذا وغرامة قدرها 1000 درهم، من أجل جنحة النصب ومباشرة أعمال البناء وإحداث تجزئات ومجموعات سكنية وبيعها دون ترخيص من السلطة المختصة في حالة عود والتزوير في وثائق عرفية وإهانة موظفين عموميين بسبب قيامهم بعملهم؛
لكن، حيث إنه يبين من الوثائق التي استحضرها المجلس الدستوري ومن التحقيق الذي قام به، أن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء أصدرت قرارا بتاريخ 19 مايو 2009 تحت رقم 3448، يقضي بإلغاء الحكم الابتدائي فيما تضمنه من إدانة المطعون في انتخابه المذكور من أجل التزوير في وثائق عرفية وإهانة موظفين عموميين بسبب قيامهم بعملهم، وبعد التصدي التصريح ببراءته من ذلك وتأييده في الباقي مع تعديله بخفض العقوبة الحبسية المحكوم بها إلى سنة واحدة حبسا نافذا، وأن هذا القرار تم الطعن فيه بالنقض من طرف المطعون في انتخابه كما هو ثابت من نص التصريح بالنقض المؤرخ في 20 مايو 2009 تحت رقم 383/09؛
وحيث إنه لئن كانت الأهلية من النظام العام، وتعد شرطا جوهريا للترشح للانتخابات والاستمرار في تمثيل الأمة، ويفضي فقدانها في أي مرحلة من المراحل حتما إلى المنع من الترشح أو بطلان الانتخاب، فإن إعمال مبدأ قرينة البراءة الذي هو مبدأ ذو قيمة دستورية، يوجب أن يكون الحكم الجنحي الذي يترتب عنه فقدان الأهلية للانتخاب حكما نهائيا صادرا قبل أن يبت المجلس الدستوري في الطعن الانتخابي المعروض عليه؛
وحيث إن القرار الاستئنافي المذكور لم يصر بعدُ نهائياً حتى يمكن ترتيب الآثار القانونية المتولدة عنه التي قد تفضي إلى التصريح بانعدام أهلية المطعون في انتخابه؛
وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق بيانه، يكون المأخذ المتعلق بانعدام الأهلية غير مؤثر في الحال؛
في شأن المآخذ المتعلقة بالبطائق الانتخابية:
حيث إن هذه المآخذ تتلخص في دعوى، من جهة، تعمد السلطة المحلية إخفاء وعدم تسليم البطائق الانتخابية لأصحابها خصوصا في الدوائر ذات الأرقام 10 و11 و14 و15 و16 و17 التي يتمتع فيها الطاعن الثالث بشعبية كبيرة، إذ بلغ عدد هذه البطائق التي لم توزع على المواطنين بجماعتي بوسكورة ودار بوعزة على التوالي 9000 و13000 بطاقة، مما كان سببا في عزوف المواطنين عن المشاركة في الانتخابات وضياع العديد من الأصوات على باقي المرشحين، وفي فتح مكتب غير قانوني بالجماعة القروية لدار بوعزة لتوزيع البطائق الانتخابية على الموالين لرئيس الجماعة ونائبه المطعون في انتخابه الأول، وقد أمر عامل الإقليم بإغلاق هذا المكتب بعد أن وزعت جل البطائق الانتخابية على المواطنين المناصرين لرئيس الجماعة، وَوُضِعَ ما تبقى منها بمكتب آخر بقياد ة دار بوعزة، الذي اختلقت به عدة عراقيل أمام المواطنين أثناء سحب بطائقهم الانتخابية التي لم يجدوا لها أثرا رغم قيامهم بعدة محاولات لسحبها، ومن جهة أخرى، إيداع مجموعة من البطائق الانتخابية بمكاتب التصويت وعدم توزيعها على أصحابها وحرمانهم من التصويت لفائدة الطاعن الأول بعلة أنهم لا يتوفرون على بطاقة الناخب وبالتالي فهم غير مسجلين ولا يحق لهم التصويت، والمتاجرة في عدد كبير من تلك البطائق التي تحمل نفس الاسم أو تحمل أسماء أشخاص توفوا أو انتقلوا من الدائرة الانتخابية إلى جهة أخرى؛
لكن حيث، إنه فضلا عن أن مجمل الادعاءات جاءت عامة ومجردة من أي دليل على صحة وقوعها، وأن النيابة العامة أصدرت بشأن الشكاية المتعلقة بها قرارا بالحفظ، فإن وضع البطائق الانتخابية غير المسحوبة في مكاتب التصويت رهن إشارة أصحابها إجراء مطابق للقانون، إضافة إلى أن الطاعنين لم يدلوا بأسماء الناخبين الذين لم يتمكنوا من سحب بطائقهم الانتخابية، ولم يبينوا العراقيل التي حالت دون حصولهم عليها؛
وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق عرضه، تكون المآخذ المتعلقة بالبطائق الانتخابية غير مرتكزة على أساس صحيح؛
في شأن المآخذ المتعلقة بالحملة الانتخابية والمناورات التدليسية:
حيث إن هذه المآخذ تقوم على دعوى أن العملية الانتخابية شابتها مناورات تدليسية قبل بداية الحملة الانتخابية وأثناءها تمثلت في، من جهة أولى، تشجيع المواطنين من طرف المطعون في انتخابهما، الأول بصفته نائبا لرئيس جماعة دار بوعزة، والثاني بصفته رئيسا لمقاطعة عين الشق وأخا لرئيس جماعة بوسكورة، على إحداث بناءات عشوائية مقابل التصويت لفائدتهما، إذ تم بناء ما يزيد على 400 محل جديد بدواوير أولاد احمد بجامع العراقي والتويشيات وأولاد عبو، في حين تم هدم محلات المواطنين الذين لا يساندون المطعون في انتخابه الأول بدوار الفرفارة، وقد أخبر الطاعن الثاني عامل إقليم النواصر بهذه الخروقات المرتكبة، حيث تم توقيف عونين للسلطة وأحيلا على المجلس التأديبي، وقامت السلطة المحلية يوم 10 سبتمبر 2007 بهدم المحلات التي تم إحداثها بموافقة المطعون في انتخابه الثاني وأكثر من 100 منزل بدواوير أولاد احمد جامع العراقي وأولاد حمدي وكريان بنعبيد، ومن جهة ثانية، حفر بئر بدوار الشعيبات من قبل المطعون في انتخابه الأول، وتسليم العديد من "الرخص" للمواطنين من طرفه ومن طرف رئيس جماعة بوسكورة الذي أقام رحلات لبعض الفلاحين المنخرطين في إحدى التعاونيات، ونظم العديد من الحملات الطبية والمخيمات الصيفية لفائدة المواطنين وأبنائهم، وفي قيام أنصار المطعون في انتخابه الثاني بتوزيع أكثر من 100 خيمة على جماعات الإقليم، وتقديمهم الوعود بتسليم بذل وتجهيزات رياضية لسكان جماعتي أولاد صالح والنواصر، وادعاء أحدهم أنه هو السبب في توزيع مادة الشعير المدعم على الفلاحين، ومن جهة ثالثة، قيام المطعون في انتخابهم بمساعدة أعوانهم، أثناء الحملة الانتخابية، بتوزيع الأموال على الناخبين لشراء ذممهم والتأثير فيهم للتصويت لفائدتهم، وفي استمالة المطعون في انتخابه الأول موظفي الجماعة "التي يرأسها" بتوزيع الأموال عليهم للقيام بحملات انتخابية لفائدته، ومن جهة رابعة، تعليق ملصقات دعائية للمطعون في انتخابه الثاني على الجدران بكيفية عشوائية في جميع الأماكن والشوارع والأزقة خلافا لمقتضيات المادة 30 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، ومن جهة خامسة، تواطؤ السلطة المحلية مع المطعون في انتخابه الأول وإطلاقها العنان لأعوانها للقيام بحملة انتخابية لفائدته، وفي إقدام أحد الشيوخ بعقد تجمع بمنزل عمه لفائدة المطعون في انتخابه الثاني بحضور أخيه رئيس جماعة بوسكورة، وقد أفضت معاينة رجال الدرك لهذا الاجتماع إلى تحرير محضر استماع للمطعون في انتخابه المذكوروالمجتمعين معه، وإحالة هذا المحضر على النيابة العامة، وفي طواف أحد أعوان السلطة بقيادة النواصر، ليلة الاقتراع، على دواري البوزانيين والمعاريف من أجل الدعاية لفائدة المطعون في انتخابه المذكور وحث المواطنين على التصويت لصالحه، ومن جهة سادسة، استمرار الحملة الانتخابية، يوم الاقتراع، إذ تمادى أحد الشيوخ والمقدمين وبحضور رجال الدرك في القيام بهذه الحملة لفائدة المطعون في انتخابه الأول أمام مقهى الصبار بدار بوعزة، وتم ضبط سيارات معينة تنقل المواطنين لمقار مكاتب التصويت ويحثهم سائقوها على التصويت لفائدة نفس المطعون في انتخابه مقابل مبالغ مالية، وفي شراء أصوات الناخبين لفائدة المطعون في انتخابه الثاني من طرف بعض مناصريه وعون سلطة وأخيه، وذلك بالدائرة رقم 12، وبمكاتب التصويت ذات الأرقام من 186 إلى 197 بجماعة النواصر وأمام إعدادية الداخلة، وضغط رئيس جماعة بوسكورة والموظفين التابعين له ـ الذين يشكلون مكاتب التصويت ـ على المواطنين من أجل التصويت لصالح نفس المطعون في انتخابه وتهديدهم بتدمير منازلهم العشوائية في حال عدم الاستجابة لمطالبهم، وفي توزيع الأموال من طرف المطعون في انتخابه الثالث على ممثلي الأحزاب الأخرى بدواوير المكانسة والحفاية ونبيل وأمام مكاتب التصويت بإعدادية المكانسة ومدرسة طارق بن زياد، وعقد أعوانه تجمعات بمدرسة الجمعية بالضرابنة من أجل شراء أصوات الناخبين؛
لكن حيث، من جهة أولى، إن ما ادعي من حفر بئر وتسليم العديد من "الرخص" وتوزيع الخيام وإقامة الرحلات لبعض الفلاحين وتنظيم الحملات الطبية والمخيمات الصيفية لفائدة المواطنين، أثناء الحملة الانتخابية، ونقل الناخبين لمكاتب التصويت بواسطة السيارات وحثهم على التصويت لفائدة المطعون في انتخابه الأول مقابل مبالغ مالية، وضغط رئيس جماعة بوسكورة والموظفين التابعين له، يوم الاقتراع، على المواطنين من أجل التصويت لفائدة المطعون في انتخابه الثاني، لم يدل الطاعنون بما يثبته، ومن جهة ثانية، إن ادعاء تعليق ملصقات دعائية بطريقة عشوائية وبكيفية مخالفة للقانون، لم يدعم سوى بصور للمطعون في انتخابه الثاني غير كافية وحدها لإثبات صحته، ومن جهة ثالثة، إن ما ادعي من إقدام أحد الشيوخ على عقد اجتماع لفائدة المطعون في انتخابه الثاني، لم يدل الطرف الطاعن بما يثبته ولا بما يفيد تحرير محضر استماع بشأنه من طرف الضابطة القضائية وإحالته على النيابة العامة، ومن جهة رابعة، إنه فضلا عن عدم الإدلاء بما يفيد قيام عون سلطة وأخيه بحملة انتخابية لفائدة المطعون في انتخابه الثاني بمكاتب التصويت ذات الأرقام من 186 إلى197 بجماعة النواصر، فإنه يبين من الاطلاع على محاضر هذه المكاتب، المستحضرة من طرف المجلس الدستوري، أنها لا تتضمن أي ملاحظة بهذا الشأن، ومن جهة خامسة، إن باقي الادعاءات لم تدعم سوى بشكاية موجهة لعامل إقليم النواصر وقرص مدمج وقصاصات صحفية لا تقوم وحدها حجة على صحة ما ورد فيها، كما أن الشكاية الموجهة لوكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء المتعلقة بسير العملية الانتخابية صدر بشأنها قرار بالحفظ؛
وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق بيانه، تكون المآخذ المتعلقة بالحملة الانتخابية والمناورات التدليسية غير مرتكزة على أساس صحيح؛
في شأن المآخذ المتعلقة بتشكيل بعض مكاتب التصويت:
حيث إن هذه المآخذ تقوم على دعوى مخالفة أحكام المواد 32 و33 و68 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، بعلة، من جهة، أن رؤساء وأعضاء مكاتب التصويت تم تعيينهم من بين موظفي جماعتي دار بوعزة وبوسكورة، التي يترأس الأولى مرشح في اللائحة التي يتصدرها المطعون في انتخابه الأول والذي هو نائب رئيس هذه الجماعة، ويترأس الثانية أخ المطعون في انتخابه الثاني، مما سهل الضغط والتأثير عليهم من طرف هذين الرئيسين وجعلهم يحيدون عن شرطي النزاهة والحياد المطلوبين فيهم ويرتكبون مخالفات تتمثل في الضغط على الناخبين من أجل التصويت لفائدة المطعون في انتخابهما المذكورين، وهو ما يؤكده ارتفاع عدد الأصوات التي حصل عليها المطعون في انتخابه الأول بمكاتب التصويت التابعة لجماعة دار بوعزة مقارنة مع باقي مكاتب التصويت الأخرى، ومن جهة أخرى، أن محاضر مكاتب التصويت لا تتضمن ما يفيد أن أعضاء هذه المكاتب خاصة الأكبر والأصغر سنا هم من الناخبين بهذه الدائرة ويعرفون القراءة والكتابة، إذ تم الاكتفاء فيها بتسجيل أسماء غير معروفة لهؤلاء الأعضاء دون بيان أرقام بطائقهم الانتخابية، مما تبقى معهم فرضية أنهم ليسوا ناخبين بالدائرة الانتخابية قائمة، ومن تم لا يحق لهم الإشراف على عملية الاقتراع؛
لكن حيث، من جهة، إنه فضلا عن أنه ليس في القانون ما يمنع تعيين رؤساء وأعضاء مكاتب التصويت من بين موظفي الجماعات التي يرأسها مرشحون للانتخاب أو ذووهم طالما لم يقترن ذلك بتحيز رؤساء وأعضاء تلك المكاتب أو بالإخلال بما يجب أن يتوفر فيهم من نزاهة وحياد، وهو ما لم يثبته الطاعنون، فإن ادعاء قيام رؤساء وأعضاء مكاتب التصويت بالضغط على الناخبين للتصويت لفائدة المطعون في انتخابهما لم يدعم بأي دليل يسنده، وأن ارتفاع نسبة عدد الأصوات التي حصل عليها المطعون في انتخابه الأول بمكاتب التصويت التابعة لجماعة دار بوعزة مقارنة مع باقي المكاتب الأخرى، لا يشكل قرينة على أن ضغطا مورس على الناخبين للتصويت لفائدته، ومن جهة أخرى، إنه إضافة على أنه ليس في القانون ما يوجب التنصيص في محاضر مكاتب التصويت على أن أعضاء هذه المكاتب من الناخبين وأن تسجل فيها أرقام بطائقهم الانتخابية وأنهم يعرفون القراءة والكتابة، فإن الطرف الطاعن لم يدل بما يثبت أن تعيين أعضاء مكاتب التصويت تم خلافا لمقتضيات الفقرة الثانية من المادة 68 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب؛
وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق عرضه، تكون المآخذ المتعلقة بتشكيل بعض مكاتب التصويت غير مرتكزة على أساس من وجه، وغير جديرة بالاعتبار من وجه آخر؛
في شأن المآخذ المتعلقة بسير الاقتراع:
حيث إن هذه المآخذ تتلخص في دعوى مخالفة أحكام المادة 71 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب بعلة، من جهة أولى، أن شهادة ممثلي اللوائح المرشحة بمكاتب التصويت بجماعتي دار بوعزة وبوسكورة، ومحاضر هذه المكاتب، تفيد أن أعضاءها عرَّفوا بهوية العديد من الأشخاص الذين سمح لهم بالتصويت دون توفرهم على بطاقة التعريف الوطنية أوغيرها من وثائق التعريف الرسمية، مع أن هذا الاستثناء يتعلق بالأشخاص الذين نسوا بطائقهم الانتخابية أو ضاعت منهم، ومن جهة ثانية، أن ضعف نسبة المشاركة في الانتخاب سمح للعديد من المواطنين بالتصويت ابتداء من الساعة الرابعة مساء إلى السابعة دون الإدلاء ببطائق تعريفهم ودون وضع مداد غير قابل للمحو على أيديهم، مما ساعد على تكرار تصويتهم، ومن جهة ثالثة، أن أحد أنصار المطعون في انتخابه الثاني كان يتردد على مكتب التصويت رقم 191 بجماعة النواصر، من أجل التأثير في الناخبين واستمالتهم، ومن جهة رابعة، أن ورقة تصويت فريدة مؤشر فيها على رمز لائحة الترشيح المرغوبة، تم تسريبها وتداولها خارج مكاتب التصويت من طرف عدد كبير من الناخبين مقابل مبالغ مالية؛
لكن حيث، من جهة أولى وثانية، إن ما ادعي من تعريف أعضاء مكاتب التصويت بهوية أشخاص سمح لهم بالتصويت دون توفرهم على بطاقة التعريف الوطينة أو غيرها من وثائق التعريف الرسمية، ومن عدم وضع مداد غير قابل للمحو على أصابع ناخبين مما سهل تكرار تصويتهم، فضلا عن عدم الإدلاء بما يثبته، فإنه جاء عاما لعدم تحديد مقار وأرقام مكاتب التصويت المعنية، ومن جهة ثالثة، إن ادعاء تردد أحد أنصار المطعون في انتخابه الثاني على مكتب التصويت رقم 191 بجماعة النواصر للتأثير في الناخبين واستمالتهم لم يدعم بأي دليل يثبته، كما أن محضر هذا المكتب لا يتضمن أي ملاحظة بهذا الشأن، ومن جهة رابعة، إن ما ادعي من تسريب أوراق تصويت وتداولها خارج مكاتب التصويت مقابل مبالغ مالية لم يدعم بأي دليل يثبته؛
وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق بيانه، تكون المآخذ المتعلق بسير الاقتراع غير مرتكزة على أساس من وجه، وغير جديرة بالاعتبار من وجه آخر؛
في شأن المآخذ المتعلقة بعملية فرز وإحصاء الأصوات:
حيث إن هذه المآخذ تقوم على دعوى مخالفة أحكام المادة 72 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب بعلة، من جهة أولى، أن أعضاء مكاتب التصويت باشروا بأنفسهم عمليـة فـرز وإحصاء الأصوات دون مساعدة فاحصين رغم تجاوز عدد الناخبين المسجلين المائتين في عدد كبير من مكاتب التصويت من بينها المكاتب ذات الأرقام 30 و106 و108 و109 و112، ومن جهة ثانية، أن رؤساء مكاتب التصويت لم يتحققوا من كون عدد أوراق التصويت يقل أو يزيد عن عدد المصوتين، ومن جهة ثالثة، أن تلاعبات وخروقات وقعت أثناء عملية فرز وإحصاء الأصوات يؤكدها ما حصل عليه المطعون في انتخابه الأول من أصوات بمكتب التصويت رقم 36 والمكتب المركزي رقم 52 بجماعة دار بوعزة، التي بلغت على التوالي 311 و757 صوتا، في حين حصل باقي المرشحين على أصفار وعلى أرقام لا علاقة لها بالواقع؛
لكن حيث، من جهة أولى، إن ادعاء عدم الاستعانة في بعض مكاتب التصويت بفاحصين أثناء عملية الفرز ليس من شأنه ـ على فرض ثبوته ـ الإخلال بسلامة العملية الانتخابية ما لم يكن في الأمر تدليس، وهو ما لم يقع إثباته، ومن جهة ثانية، إن ما ادعي من عدم تحقق رؤساء مكاتب التصويت من كون عدد أوراق التصويت يقل أو يزيد عن عدد المصوتين جاء عاما لعدم تحديد مقار وأرقام مكاتب التصويت المعنية، ومن جهة ثالثة، إنه فضلا عن أن الطرف الطاعن لم يدل بما يفيد وقوع مخالفات أثناء عملية فرز وإحصاء الأصوات بمكاتب التصويت وأثناء جمعها بالمكاتب المركزية، فإنه يبين من الاطلاع على محضري مكتب التصويت رقم 36 والمكتب المركزي رقم 52 بجماعة دار بوعزة المودعين لدى المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، أن حصول المطعون في انتخابه الأول على مجموع أصوات بلغ بهذين المكتبين على التتابع 311 و767 وليس 757 كما جاء في الادعاء، وحصول باقي المرشحين على أصوات تقل بكثير عن الأصوات التي نالها المطعون في انتخابه المذكور، ليس قرينة على وقوع مخالفات؛
وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق عرضه، تكون المآخذ المتعلق بعملية فرز وإحصاء الأصوات غير مرتكزة على أساس صحيح ؛
في شأن المآخذ المتعلقة بتحرير المحاضر وإعلان النتائج:
حيث إن هذه المآخذ تتلخص في دعوى مخالفة أحكام المادة 74 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب بعلة:
ـ أن محاضر مكاتب التصويت وقعت على بياض من طرف رؤساء وأعضاء مكاتب التصويت قبل الشروع في عملية الاقتراع، وذلك بشهادة ممثلي اللوائح المرشحة داخل هذه المكاتب؛
ـ أن محضرا تمت فيه معاينة إضافة أصوات لأحد المطعون في انتخابهم بكيفية تدليسية دون أن يتم تسجيل هذا الخرق في المحضر؛
ـ أن محاضر مكاتب التصويت لم تحرر على الفور في ثلاثة نظائر، وأن بعضها غير مرقم، ولم يشر فيه إلى وجود فاحصين وخال من البيانات الواجب تضمينها فيها، وبها شطب على ما تم تسجيله من ملاحظات وخروقات مرتكبة، وتحمل نتائج مضطربة وغير موقعة؛
ـ أن محاضر مكاتب التصويت ذات الأرقام 10 و72 بجماعة دار بوعزة، و122 و144 بجماعة بوسكورة، والمكتب المركزي رقم 52 بجماعة دار بوعزة، لا تتضمن بيان عدد المسجلين والمصوتين والأوراق الملغاة والأصوات المعبر عنها، إضافة إلى أن محضر المكتب المركزي رقم 52 لا يشير إلى أسماء المرشحين ولا إلى "لوائحهم" ولا إلى مجموع الأصوات؛
ـ أن محضر مكتب التصويت بجماعة أولاد صالح دوار القدادرة، غير مرقم، وسجل فيه أن عدد الناخبين وعدد الأوراق الملغاة والأصوات المعبر عنها هو على التوالي 107 و36 و55، في حين أن نتيجة جمع عدد الأوراق الملغاة والأصوات المعبر عنها هو 91 ؛
ـ أن محضر مكتب التصويت رقم 28 بجماعة دار بوعزة، سجل فيه أن عدد المصوتين وعدد الأوراق الملغاة وعدد الأصوات المعبر عنها هو بالتتابع 165 و42 و123، في حين أن مجموع الأصوات الموزعة على اللوائح المرشحة هو 132 صوتا، أي أن عدد الأصوات المعبر عنها يقل عن مجموع الأصوات الموزعة على اللوائح المرشحة، وأن تسعة أصوات أضيفت لفائدة أحد المطعون في انتخابهم؛
ـ أن محضر مكتب التصويت رقم 155 بجماعة بوسكورة، دون فيه أن عدد الأوراق الملغاة هو إما 71 أو 76 أو 77، وأن عدد الأصوات المعبر عنها هو 158، دون أن يسجل فيه مجموع الأصوات الموزعة على اللوائح المرشحة التي هي 183 صوتا، وبذلك يكون عدد الأصوات المعبر عنها والملغاة يفوق عدد المصوتين؛
ـ أن محضري المكتبين المركزيين رقم 35 و52 بجماعة دار بوعزة، الأول لا يحمل توقيع رئيس مكتب التصويت رقم 36، والآخر غير موقع من طرف رئيسه وأعضائه ولا يحمل توقيع رؤساء مكاتب التصويت التابعة له، دون تضمينهما أي ملاحظة بهذا الشأن؛
ـ أن محضري مكتب التصويت رقم 52 بجماعة دار بوعزة المتعلقين بالدائرتين المحلية والوطنية، غير موقعين من طرف رئيس وأعضاء المكتب، ولا يتضمنان أي ملاحظة بهذا الخصوص، (وحررت بشأن محضر هذا المكتب نسختان إحداهما لا علاقة لها بالمحاضر سواء على مستوى الدوائر المحلية أو الوطنية)؛
ـ أن نتائج الاقتراع لم يتم الإعلان عنها بالمكاتب المركزية ولا بالعمالة، وأعلن عنها بعد يومين من وقوع الاقتراع، الأمر الذي لم يبق معه للفورية أي مدلول؛
لكن حيث، من جهة أولى، إن ادعاء توقيع محاضر مكاتب التصويت على بياض من طرف رؤساء وأعضاء هذه المكاتب قبل الشروع في عملية الاقتراع وعدم تحريرها على الفور وعدم اشتمالها على البيانات الواجبة قانونا ووجود شطب على ما سجل فيها من ملاحظات وتضمينها نتائج مضطربة وعدم ترقيمها وعدم توقيعها، ومعاينة إضافة أصوات لأحد المطعون في انتخابهم بكيفية تدليسية في محضر، جاء عاما وتعوزه الدقة والحجة، وإن ما نعي على محضر مكتب التصويت رقم 52 (الخاص بالدائرة الوطنية) فلا علاقة له بالدائرة الانتخابية المحلية موضوع الطعن؛
ومن جهة ثانية، إنه يبين من الاطلاع على نظائر محاضر مكاتب التصويت والمكاتب المركزية، سواء المستحضرة من طرف المجلس الدستوري أو المدلى بنسخها ومن المقارنة بينها:
ـ أن نظائر محاضر مكاتب التصويت ذات الأرقام 10 و72 بجماعة دار بوعزة، و122 و144 بجماعة بوسكورة، والمكتب المركزي 52 بجماعة دار بوعزة، المستحضرة من طرف المجلس الدستوري، تتضمن جميعها عدد المسجلين والمصوتين والأوراق الملغاة والأصوات المعبر عنها، وأن محضر المكتب المركزي رقم 52 يشير إلى أسماء وكلاء اللوائح المرشحة وإلى مجموع عدد الأصوات التي حصل عليها وكيل كل لائحة، وأن عدم تضمين نسخها المدلى بها لجميع هذه البيانات لا يعدو أن يكون مجرد إغفال لا تأثير له؛
ـ أن نظير محضر مكتب التصويت بجماعة اولاد صالح دوار القدادرة، المستحضر من طرف المجلس الدستوري الذي يحمل رقم 219، يتضمن جميع البيانات المطلوبة في أعلى صفحته الثانية، وأن هذه البيانات جاءت منسجمة فيما بينها ومتطابقة مع مجموع الأصوات الموزعة على اللوائح المرشحة، ويؤكد صحة ذلك أن نفس هذا المجموع الأخير تتضمنه نسخة المحضر المدلى بها وهو الذي تم نقله لمحضر المكتب المركزي واحتسابه في النتيجة العامة للاقتراع، وأن ما عيب على نسخته المدلى بها من أن عدد الأوراق الملغاة 36 هو مجرد خطأ مادي ، كما أن عدم تضمين هذه النسخة لرقم مكتب التصويت لا يعدو أن يكون بدوره مجرد إغفال لا تأثير له؛
ـ أن نظير محضر مكتب التصويت رقم 28 بجماعة دار بوعزة، المستحضر من طرف المجلس الدستوري، يتضمن جميع البيانات المطلوبة في أعلى صفحته الثانية، وأن هذه البيانات جاءت منسجمة فيما بينها ومتطابقة مع مجموع الأصوات الموزعة على اللوائح المرشحة، ويؤكد صحة ذلك أن نفس هذا المجموع الأخير تتضمنه نسخة المحضر المدلى بها وهو الذي تم نقله لمحضر المكتب المركزي واحتسابه في النتيجة العامة للاقتراع، وأن ما عيب على هذه النسخة من تسجيل أن عدد المصوتون هو 165 والأصوات المعبر عنها 123 صوتا لا يعدو أن يكون مجرد خطإ مادي لا تأثير له؛
ـ أن نظير محضر مكتب التصويت رقم 155 بجماعة بوسكورة، المستحضر من طرف المجلس الدستوري، يتضمن جميع البيانات المطلوبة في أعلى صفحته الثانية، وأن هذه البيانات جاءت منسجمة فيما بينها ومتطابقة مع مجموع الأصوات الموزعة على اللوائح المرشحة، ويؤكد صحة ذلك أن نسخة المحضر المدلى بها تتضمن نفس مجموع الأصوات الموزعة على اللوائح المرشحة وهي التي تم نقلها لمحضر المكتب المركزي واحتسابها في النتيجة العامة للاقتراع، وأن ما عيب على هذه النسخة من تسجيل أن عدد الأصوات المعبر عنها هو 158 وعدد الأوراق الملغاة هو 76 لا يعدو أن يكون كذلك مجرد خطأ مادي لا تأثير له؛
ـ أن نظير محضر المكتب المركزي رقم 35 بجماعة دار بوعزة، المستحضر من طرف المجلس الدستوري، إن كان لا يحمل، بالفعل، توقيع رئيس مكتب التصويت رقم 36 التابع له، فإنه يبين من التحقيق الذي قام به المجلس الدستوري أن جميع البيانات المسجلة فيه منسجمة فيما بينها ومطابقة لما هو مضمن في محاضر مكاتب التصويت التابعة له، وأن محضر مكتب التصويت رقم 36 موقع من طرف رئيسه وأعضائه؛
ـ أن نظيري محضري مكتب التصويت رقم 52 والمكتب المركزي رقم 52 بجماعة دار بوعزة، المستحضرين من طرف المجلس الدستوري، موقعان من طرف رئيسيهما وأعضائهما ومن طرف جميع رؤساء مكاتب التصويت التابعة للمكتب المركزي المذكور، وأن ما عيب على نسختيهما المدلى بهما من عدم تذييلهما بجميع التوقيعات اللازمة هو مجرد إغفال لا تأثير له، كما أن نظير محضر مكتب التصويت رقم 52 ونسخته المدلى بها محرران وفق الشكليات المطلوبة قانونا، وأن ما أدلي به من ورقة مضافة لنسخة محضر هذا المكتب والتي تحمل اسم "مستخرج نتائج مكاتب التصويت" لا تعتبر نسخة لأي محضر مكتب تصويت، ولا يعتد بها؛
ومن جهة ثالثة، إنه فضلا عن أن لجنة الإحصاء هي وحدها المخولة قانونا الإعلان عن نتائج الاقتراع بعد إحصاء الأصوات التي نالتها كل لائحة أو مرشح حسب توصلها بها، كما تنص على ذلك أحكام الفقرة الأولى من المادة 78 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، فإنه يتبين بالرجوع إلى محضر لجنة الإحصاء المستحضر من طرف المجلس الدستوري، أن نتيجة الاقتراع تم إعلانها في 8 سبتمبر2007، ولم يدل الطرف الطاعن بما يثبت خلاف ذلك؛
وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق بيانه، تكون المآخذ المتعلقة بتحرير المحاضر وإعلان النتائج غير مرتكزة على أساس صحيح؛
في شأن البحث المطلوب:
وحيث إنه، اعتمادا على ما سلف بيانه، لا حاجة لإجراء البحث المطلوب؛
لهذه الأسباب
ومن غير حاجة إلى الفصل فيما أثير من دفوع بعدم قبول الطعن شكلا؛
أولا: يقضي برفض طلب السادة محمد رفيق وابراهيم رشيدي وسعيد سافري، الرامي إلى إلغاء انتخاب السادة عبد الكريم شكري وعبد الحق الشفيق ومحمد قريما أعضاء بمجلس النواب، على إثر الاقتراع الذي أجري في 7 سبتمبر 2007 بالدائرة الانتخابية " النواصر" (إقليم النواصر)؛
ثانيا: يأمر بتبليغ نسخة من قراره هذا إلى السيد رئيس مجلس النواب وإلى الأطراف وبنشره في الجريدة الرسمية
وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط في يوم السبت 25 رجب 1430 (18 يوليو 2009)
الإمضاءات
محمد أشركي
عبد القادر القادري هانيء الفاسي حمداتي شبيهنا ماء العينين
ليلى المريني أمين الدمناتي عبد الرزاق مولاي ارشيد
محمد الصديقي رشيد المدور محمد أمين بنعبد الله