قرارات المجلس الدستوري


قرار رقم : 2009/764
تاريخ صدور القرار : 2009/06/16

المملكة المغربية            الحمد لله وحده

المجلس الدستوري

 ملفات رقم : 07/979 و07/980 و07/982 و07/985                        

قرار رقم : 09/764 م. د

 

باسم جلالة الملك

المجلس الدستوري ،

بعد الاطلاع على العرائض الأربع المسجلة بأمانته العامة في 21 سبتمبر2007 المقدمة، الأولى من طرف السيدين المصطفى المخنتر وأحمد ذاكرـ بصفتهما مرشحين ـ في مواجهة السيدين محمد زاهيدي ومحمد أبو الفراج، طالبين فيها إلغاء انتخابهما، والثانية والثالثة والرابعة من طرف السادة أحمد حنصالي ومسعود أبو زيد وحسن بنتيس ـ بصفتهم مرشحين ـ طالبين فيها إلغاء نتيجة الاقتـراع الذي أجـري في 7 سبتمبر2007 بالدائرة الانتخابية "أولاد بوعزيزـ الزمامرة " (إقليم الجديدة)، وأعلن على إثره انتخاب السادة محمد زاهيدي والمصطفى المخنتر ومحمد أبو الفراج أعضاء بمجلس النواب؛ 

وبعد الاطلاع على الوثائق الإضافية المدلى بها من لدن السيدين المصطفى المخنتر وأحمد ذاكر المسجلة بنفس الأمانة العامة بتاريخ 4 ديسمبر2007، بعد أن منحهما المجلس الدستوري أجلا لذلك؛

وبعد الاطلاع على المذكرات الجوابية المسجلة بالأمانة العامة المذكورة في 26 مايو و23 و24 يونيو 2008؛

وبعد الاطلاع على الكتابين المسجلين بنفس الأمانة العامة في 6 مايو و25 يونيو2008 اللذين تنازل بموجبهما كل من الطاعنين السيدين احمد حنصالي والمصطفي المخنتر عن طعنيهما المقدمين للمجلس الدستوري، طالبين فيهما الإشهاد عليهما بذلك؛      

وبعد الاطلاع على المستندات المدلى بها وعلى باقي الوثائق المدرجة بالملفات الأربعة؛

وبعد الاطلاع على الملاحظات المودعة بشأن البحث المجرى من طرف المجلس الدستوري بتاريخ 28 /10/2008 والمسجلة بأمانته العامة 4  يونيو2009؛

وبناء على الدستور، خصوصا الفصل 81 منه ؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري الصادر في 14 رمضان 1414 (25 فبراير 1994)، كما وقع تغييره وتتميمه؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 97-31 المتعلق بمجلس النواب الصادر في فاتح جمادى الأولى 1418 (4 سبتمبر 1997)، كما وقع تغييره وتتميمه ؛

وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون ؛

وبعد ضم الملفات الأربعة للبت فيها بقرار واحد لتعلقها بنفس العملية الانتخابية؛

أولا  : فيما يتعلق بالتنازل المقدم من لدن السيدين احمد حنصالي والمصطفى المخنتر:

حيث إن تنازل الطاعنين عن طعنهما جاء صريحا، فإنه لا مانع من الاستجابة لطلبهما؛

 ثانيا : فيما يتعلق بباقي الطعون:

في شأن المآخذ المتعلقة باللوائح الانتخابية:

حيث إن هذه المآخذ تتلخص في دعوى، أن رؤساء بعض اللجن الإدارية المختصة بدراسة طلب القيد في اللوائح الانتخابية وقعوا ونشروا جداول تعديلية شكلية دون تضمينها التعديلات المطلوبة أو تحيينها، ومنهم من تقاعس تماما عن توقيع ونشر الجداول التعديلية في آجالها القانونية، خصوصا بعض رؤساء الجماعات الذين كانوا مرشحين للانتخابات مخالفين بذلك أحكام المادتين 22 و27 من مدونة الانتخابات، ونتيجة لذلك، فإنه تم توزيع بطائق انتخابية بناء على لوائح انتخابية مؤقتة والتي نص القانون على ضرورة نسخها بالقوائم الانتخابية النهائية، بالإضافة إلى أن هذه اللوائح الانتخابية التي أجريت على أساسها عملية الاقتراع لم يسمح للمصوتين بالتوقيع عليها، عقب الإدلاء بأصواتهم، ولم يتم إرجاعها إلى الجماعات؛

لكن حيث، إنه فضلا عن أنه لم يقع الإدلاء بأي حجة تثبت ما ادعي من أن رؤساء بعض اللجن الإدارية المختصة بمراجعة وضبط اللوائح الانتخابية قاموا بتوقيعها ونشرها دون تضمينها التعديلات المطلوبة، أو أنه لم يتم توقيعها ونشرها في آجالها القانونية، أو أنه تم توزيع بطائق الناخبين بناء على لوائح انتخابية مؤقتة، فإنه يبين من الاطلاع على اللوائح الانتخابية المستحضرة من لدن المجلس الدستوري، التي سلمت نسخ منها لمكاتب التصويت من السلطة الإدارية أنها لوائح انتخابية نهائية تم تحريرها في 27 غشت 2007، وهو ما أثبته أيضا محضر المفوض القضائي المنجز بتاريخ 20 سبتمبر2007 تحت عدد 296/2007، أما ما ادعي من عدم السماح للناخبين بالتوقيع على اللوائح الانتخابية عقب الإدلاء بأصواتهم، فإن أحكام الفقرة الثانية من المادة 71 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب التي تضبط عمليات التصويت تنص على أنه بعد إدلاء الناخب بصوته "يضع إذ ذاك عضوا المكتب في طرة لائحة كل منهما إشارة أمام اسم المصوت"، ولم يشر إلى السماح للناخبين بالتوقيع على اللوائح الانتخابية،  كما أن الطاعن لم يثبت عدم إرجاع اللوائح المذكورة إلى الجماعات؛

وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق بيانه، تكون المآخذ المتعلقة باللوائح الانتخابية غير قائمة على أساس صحيح؛

في شأن المآخذ المتعلقة بالحملة الانتخابية والمناورات التدليسية:

حيث إن هذه المآخذ تتلخص في دعوى، من جهة أولى، أنه وقع التدليس في اسم المرشح الفائز الثالث بعلة أن اسمه الشخصي الذي تم تدوينه بمحاضر مكاتب التصويت والمكاتب المركزية ومحضر لجنة الإحصاء التابعة لعمالة إقليم الجديدة هو السيد مُحمد أبو الفراج، وهو الشخص الذي كان يقوم بالحملة الانتخابية ويدعو الناخبين إلى التصويت مقدما وعودا وهبات، علما أنه عضو بمجلس المستشارين ضمن أحد الفرق البرلمانية، وهو تبعا لذلك في حالة التنافي المنصوص عليها في أحكام المادة 4 مكرر من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، ذلك أن المرشح الفائز هو مْحمد أبو الفرج كما يبين من النتائج الانتخابية المستخرجة من الموقع الإلكتروني لوزارة الداخلية، والفرق "شاسع" بين مُحمد ومْحمد اللذان يدلان على شخصين مختلفين وهما أخوان، الأول مسجل بسجلات الحالة المدنية لبلدية الزمامرة تحت رقم 118 سنة 1960، والثاني تحت رقم 119 سنة 1960، كما هو ثابت من محضر المعاينة المنجز من طرف مأمور التنفيذ بالمحكمة الإدارية بالدار البيضاء، وأن هذه المناورات التدليسية "الذكية" المخالفة لأحكام المادة 65 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب التي وقعت فيها الإدارة وأعضاء مكاتب التصويت والمكاتب المركزية ولجنة الإحصاء التابعة لإقليم الجديدة، كان لها تأثير على عزوف الناخبين عن التصويت وارتفاع عدد الأوراق الملغاة إذ أدت إلى الاضطراب في اختيارهم والإيقاع بهم في الخطأ والتصويت بغير قصدهم، ومن جهة ثانية، أن نفس المطعون في انتخابه قدم هبات وهدايا للتأثير في الناخبين إذ سلم لسكان دوار زاوية سايس آلة لضخ الماء من البئر ووعد سكان أولاد علي بجماعة مكرس، بوصفه رئيسا للمجلس الإقليمي للجديدة، ببناء قنطرة لهم، ومن جهة ثالثة، مواصلة الحملة الانتخابية يوم الاقتراع في دائرة "أولاد احسين" باختيار شعارات لتوجيه الناخبين، وتوزيع المال والهبات عن طريق بعض السماسرة العاملين في خدمة المطعون في انتخابهم، والتوجه إلى دور المواطنين وحملهم للتصويت لفائدتهم؛

لكـن حيث، من جهة أولى، إنه يبين من الاطلاع على محاضر مكاتب التصويت والمكاتب المركزية ولجنة الإحصاء التابعة لإقليم الجديدة، أنها تتضمن اسم المرشح محمد أبو الفرج بدون علامات شكل كباقي أسماء المرشحين الآخرين، ولم يثبت الطاعن أن لبسا قد يكون حدث عند الناخبين أثناء الحملة الانتخابية نتيجة تشابه اسمي الأخوين المذكورين، ما دام الأمر يتعلق بشخصين مختلفين في هويتهما، مما يكون معه ما ادعي من حالة التنافي ومن وقوع الإدارة ومكاتب التصويت والمكاتب المركزية ولجنة الإحصاء في خطأ غير صحيح طالما أن المرشح واحد، مما لا يترتب عليه أي مخالفة لأحكام المادة 65 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب التي تنص في مستهل فقرتها الثانية على أنه: "يتم التصويت بواسطة ورقة فريدة تتضمن جميع البيانات التي تساعد الناخب على التعرف على اللوائح أو المرشحين المعروضين على اختياره"، علما أن الإفادات المدلى بها لدعم هذا الادعاء لا تقوم وحدها حجة على أن الأول قام بحملة انتخابية محل الثاني، أما بخصوص عزوف الناخبين وارتفاع عدد الأوراق الملغاة، فإنه، على فرض ثبوته، لا يشكل في حد ذاته دليلا أن ذلك كان نتيجة مناورات تدليسية، ومن جهة ثانية، إنه فضلا عن الإبهام الذي يكتنف الادعاء لكون المطعون في انتخابه الثالث ليس له صفة رئيس المجلس الإقليمي بالجديدة، كما ذهب إليه الطرف الطاعن، فإن الإفادات المدلى بها بشأن توزيع الهبات والهدايا والوعود للتصويت لصالحه لا تنهض حجة على صحة ما ورد فيه، ومن جهة ثالثة، إن الادعاءات الواردة في المأخذ جاءت عامة ولم تدعم بأي دليل يثبتها؛

وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق بيانه، وبصرف النظر على المآخذ الغير المجدية الواردة في عرائض الطعن التي تم استبعادها لتعلقها بمرشحين غير فائزين، تكون المآخذ المتعلقة بالحملة الانتخابية والمناورات التدليسية غير قائمة على أساس صحيح؛

في شأن المآخذ المتعلقة بتشكيل مكاتب التصويت:

حيث إن هذه المآخذ تقوم على دعوى، من جهة أولى، عدم إصدار العامل لقرارات تعيين أعضاء مكاتب التصويت ونوابهم، وذلك خلافا لأحكام المادة 68 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، مما يطرح علامة استفهام حول شرعيتهم ويجعل عملهم وإسهامهم في العملية الانتخابية محل قدح، ومن جهة ثانية، وجود علاقة رئاسية بين بعض رؤساء مكاتب التصويت وبعض المرشحين بالدائرة الانتخابية المعنية، مما أدى إلى انتفاء شرطي النزاهة والحياد المطلوبين في أحكام المادة 68 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، إذ تم تعيين رؤساء مكاتب التصويت من بين موظفي الجماعات التي كان يرأسها مرشحون، كما هو الحال بالنسبة لجماعات اولاد غانم وسيدي عابد وزاوية سايس وبلدية الزمامرة ومولاي عبد الله ومكرس، وكذلك الشأن بالنسبة لمكاتب التصويت ذات الأرقام 2 و5 و19 و38 بجماعة سانية بركيك و1 و5 و7 و18 و23 بجماعة الغنادرة، كما أن ما ساعد على قيام التدليس أن مكتبي التصويت رقم 22 و23 يهمان دوار أولاد بن الشاوي مسقط رأس المطعون في انتخابه المذكور، وأن مكتبي التصويت رقم 31 و32 يتعلقان بدوار المناقرة السمامرة مسقط رأس أحد المرشحين ضمن اللائحة المرشحة لنفس المطعون في انتخابه، ومن جهة ثالثة، مخالفة أحكام المادة 68 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب بعلة وجود عضو أمي ضمن أعضاء كل من مكاتب التصويت رقم 1 و10 و11 و31 و33 بجماعة الغنادرة، وقد أدلى الطاعن لإثبات ما يدعيه بنسخة من المحضر الاستجوابي المنجز بتاريخ 19/9/2007 عدد 290/2007 بناء على الأمر الصادر عن رئيس المحكمة الإدارية بالدار البيضاء يتضمن الإقرار بأن الأعضاء المدلى بأسمائهم بمكاتب التصويت المذكورة أميون،  كما أن كل من مكاتب التصويت رقم 37 و38 و39 و40 بجماعة أولاد احسين تتضمن عضوا أو عضوين أميين من بين أعضائها،  بالإضافة إلى أن مكتبي التصويت رقم 10 و26 بجماعة سانية بركيك لم يتشكلا سوى من الرئيس وعضوين إثنين؛

لكـن حيث، من جهة أولى، إنه، خلافا لما ادعاه الطرف الطاعن، يتضح من الوثائق التي استحضرها المجلس الدستوري ومن التحقيق الذي قام به، أن القرارات العاملية المتعلقة بتعيين أعضاء مكاتب التصويت ونوابهم بالدائرة الانتخابية المعنية قد تم بالفعل إصدارها، من جهة ثانية، إن تعيين موظفين بالجماعة التي يترأسها مرشحون للانتخاب لرئاسة مكاتب التصويت، على فرض ثبوته، ليس فيه أي مخالفة لأحكام المادة 68 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب التي تخول العامل حق تعيين رؤساء مكاتب التصويت من ضمن الموظفين والعاملين بالإدارة العمومية أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العامة أو الناخبين الذين يعرفون القراءة والكتابة، ولم يقع إثبات تحيز الموظفين المذكورين لأحد المرشحين أو إخلالهم أثناء مزاولة مهامهم بما تستلزمه المادة المذكورة من شرطي النزاهة والحياد، ومن جهة ثالثة، إنه يتضح بالرجوع إلى محاضر مكاتب التصويت رقم 37 و38 و39 و40 بجماعة اولاد حسين، سواء المدلى بنسخها أو المودعة لدى المحكمة الابتدائية بالجديدة، أنها قد ديلت بتوقيعات أعضاء مكاتب التصويت وليس فيها ما يدل على أنهم لا يعرفون القراءة والكتابة ، ولم يدل الطرف الطاعن بأي حجة تثبت ادعاءه، ومن جهة رابعة، إنه يبين من نتائج البحث الذي أجراه المجلس الدستوري ومن محضر المعاينة والاستجواب المدلى به ما يلي:

ـ أن مكتبي التصويت رقم 1 و31 بجماعة الغنادرة، تشكلا طبقا لأحكام المادة 68 من القانون التنظيمي المومأ إليه أعلاه ولا يتضمنان أي عضو أمي من بين أعضائهما؛

ـ أن مكاتب التصويت رقم 10 يتضمن بالفعل عضوا أميا من بين أعضائه مما يعتبر خرقا لقاعدة جوهرية يترتب عليها البطلان، وبالتالي استبعاد الأصوات المدلى بها من النتيجة العامة للاقتراع وعدم احتساب ما ناله منها مختلف المرشحين في عداد الأصوات التي نالها كل منها في مجموع الدائرة الانتخابية، غير أن ذلك لن يكون له تأثير في نتيجة الاقتراع لأن الفائز الأخير والمرشح الذي يليه حصلا في هذا المكتب على التوالي: 79 وصفر، وبالتالي فإن المرشح الذي يحتل الرتبة الأخيرة ضمن الفائزين سيظل متقدما على المرشح الذي يليه في الترتيب بـ 540 صوتا، بعد أن كان الفرق بينهما في الأصل 619 صوتا؛

ـ أن عضوي مكتبي التصويت رقم 11 و33 بالجماعة المذكورة واللذان تغيبا عن البحث الذي أجراه المجلس الدستوري رغم استدعائهما بإلحاح مرات عديدة، فإنه على فرض أنهما لا يعرفان القراءة والكتابة، فإن ما يترتب عن ذلك من استبعاد الأصوات المدلى بها في هذين المكتبين، وعدم احتساب ما ناله منها مختلف المرشحين في عداد الأصوات التي نالها كل منهم في مجموع الدائرة الانتخابية لن يكون له تأثير في نتيجة الاقتراع لأن الفائز الأخير والمرشح الذي يليه حصلا في المكتبين المذكورين على التوالي: 59 وصفر، و80 وصفر، أي ما مجموعه بالتتابع 139 و0، وبالتالي فإن المرشح الذي يحتل الرتبة الأخيرة ضمن الفائزين سيبقى متقدما على المرشح الذي يليه في الترتيب بـ 401 صوتا، بعد مراعاة الفارق المذكور سابقا؛

ومن جهة خامسة، إنه يبين من الاطلاع على محضري مكتبي التصويت رقم 10 و26 بجماعة سانية بركيك، سواء المدلى بنسختيهما أو المودعين لدى المحكمة الابتدائية، أن ما نعي على مكتبيهما صحيح إذ لم يتشكلا طبقا لأحكام المادة 68 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب التي تنص على وجوب تشكيل مكاتب التصويت من رئيس وثلاثة أعضاء، وأن عدم التقيد بهذه الأحكام يعد بدوره مخالفا لإجراء جوهري يستوجب استبعاد الأصوات المدلى بها في هذين المكتبين، غير أن ذلك لن يكون له تأثير في نتيجة الاقتراع ما دام الفائز الأخير والمرشح الذي يليه في الترتيب حصلا في هذين المكتبين بالتتابع على: 103 وصوت واحد، و57 وصفر، أي ما مجموعه بالتتابع 160 وصوت واحد، وبالتالي فإن الفائز الأخير سيظل متقدما على المرشح الذي يليه في الترتيب بـ 242 صوتا، بعد مراعاة الفارق المذكور سابقا؛

وحيث إنه، تأسيسا على ما سلف عرضه، تكون المآخذ المتعلقة بتشكيل مكاتب التصويت غير قائمة على أساس من وجه، وغير مؤثرة من وجه آخر؛ 

في شأن المآخذ المتعلقة بسير الاقتراع:

حيث إن هذه المآخذ تتمثل في دعوى، من جهة أولى، قيام أحد المطعون في انتخابهم بتجنيد مجموعة من أنصاره بالمكتب رقم 1 بجماعة الغنادرة للضغط على الناخبين وتعنيفهم من أجل التصويت لفائدته، وهو المكتب الذي عرف اعتداء "همجيا" على أنصار الطاعنين، ومن جهة ثانية، عدم تمكين الناخبين من البطائق غير المسحوبة يوم الاقتراع بمكاتب التصويت، وعدم تضمين البطائق الانتخابية مكان وأرقام مكاتب التصويت، وذلك خلافا لأحكام المادة 66 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، وإدلاء عدد من الناخبين بأصواتهم بمكاتب التصويت ذات الأرقام 22 و23 و31 و32 بجماعة الغنادرة دون تقديم بطائقهم الانتخابية أو وثائقهم الرسمية المحددة في القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، مع خلو محاضر مكاتب التصويت من أي إشارة إلى ما إذا كان قد عرَّف بهم أعضاء مكتب التصويت أو ناخبان اثنان كما توجب ذلك أحكام المادة 71 من نفس القانون التنظيمي، وقد تضمن محضر المعاينة والاستجواب المذكور سالفا حالتين بمكتب التصويت رقم 31 بجماعة الغنادرة، كما سجل واقعة تتعلق بناخبتين حاملتين لبطاقتي التعريف رقم BH53401 وM475104 توجدان في المهجر تم التصويت باسميهما بمكتبي التصويت رقم 22 و 23 بجماعة الغنادرة، ومن جهة ثالثة، إقدام بعض المرشحين على قيد ممثليهم بطرق مشبوهة بعد انتهاء الأجل القانوني لتبليغ أسمائهم إلى السلطات المحلية، الأمر الذي نتج عنه فراغ واضح في تمثيلية المرشحين بكل مكاتب التصويت، بالإضافة إلى لجوء كثير من رؤساء مكاتب التصويت إلى رفض أو طرد ممثلي بعض اللوائح المرشحة أو منعهم من حقهم في تسلم نظائر من محاضر مكاتب التصويت، ومن جهة رابعة، تسريب ورقة التصويت خارج مكتب التصويت، واستعمالها بعد وضع العلامة على الرمز المرغوب فيه وتسليمها إلى الناخب لوضعها في الصندوق، وإخراج ورقة التصويت التي تسلمها داخل هذا المكتب ليعطيها بدوره إلى مساندي المرشح مقابل مبالغ مالية،  مما يمس بسرية الاقتراع وينال بمبدإ مصداقية العمليات الانتخابية، ويخالف أحكام المواد 69 و71 و73 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب؛

لكـن حيث، من جهة أولى، إن ادعاء استعمال العنف أثناء سير الاقتراع بمكتب التصويت رقم 1 بجماعة الغنادرة، فضلا عن أنه لم يعزز إلا بشهادة طبية لأحد الأشخاص لا تقوم وحدها حجة لإثبات ما ورد فيه، فإنه بالرجوع إلى محضر المكتب المذكور، المودع لدى المحكمة الابتدائية، يبين أنه خال من أي إشارة إلى الواقعة المذكورة، ومن جهة ثانية، إن الادعاءات الواردة في الشق الأول من المأخذ والمتعلقة بعدم تمكين الناخبين من البطائق غير المسحوبة يوم الاقتراع، وعدم تضمين البطائق الانتخابية مكان وأرقام مكاتب التصويت، جاءت كلها عامة وتعوزها الدقة، إذ لم يتم تحديد هوية الناخبين المعنيين بها، أما بخصوص الشق الثاني من المأخذ، فإنه إذا كانت أحكام المادة 71 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، المحتج بها، تقضي بتقديم الناخب عند دخوله مكتب التصويت بطاقته الانتخابية وبطاقة التعريف الوطنية أو ما يقوم مقامها، فإنه يستخلص من مقتضيات الفقرة الثانية من نفس المادة، أن بإمكان الناخب أن يصوت دون الإدلاء بما يثبت هويته، كما وقع في النازلة، شريطة أن يكون حاملا لبطاقته الانتخابية - ولو بدون تعريف ناخبين- وهي وثيقة لا يستفاد من محضر المعاينة والاستجواب المدلى به عدم توفرها لدى الناخبين المعنيين بالتصويت في مكاتب التصويت رقم 22 و 23 و 31 و32 بجماعة الغنادرة، كما أن القانون التنظيمي المومأ إليه أعلاه في مادته 71 لا ينص على إلزامية تدوين أسماء الناخبين المعرف بهم بجانب أسماء الشهود إلا بالنسبة للحالة التي يكون فيها الناخب فاقدا لبطاقته الانتخابية، وهو ما لم يحصل في هذه الواقعة، أما ما ادعي من كون ناخبتين توجدان في المهجر تم التصويت باسميهما بمكتبي التصويت رقم 22 و23 بجماعة الغنادرة، فإنه لم يعزز بأي حجة لإثبات أنهما كانتا خارج أرض الوطن يوم الاقتراع، وأن مجرد الإدلاء بتواريخ مغادرتهما البلاد لا يكفي وحده دليلا على صحة ما ورد فيه، وعلى فرض صحة هذا الادعاء، فإن ما يترتب عن ذلك من خصم صوتين من عدد الأصوات التي حصل عليها آخر مرشح فائز لن يكون له تأثير في نتيجة الاقتراع، إذ سيبقى هذا الأخير متقدما على المرشح الذي يليه بـ 240 صوتا، بعد مراعاة الفارق المذكور سابقا، ومن جهة ثالثة، إن الشق الأول من المأخذ يكتنفه الإبهام والغموض، أما الادعاءات الأخرى، فإنه فضلا عن أنها تتسم بالعمومية في مجملها لعدم تحديد أرقام ومكاتب التصويت التي قد تكون وقعت فيها المخالفات المذكورة، فإن ما نسب إلى بعض رؤساء مكاتب التصويت من رفض أو طرد ممثلي اللوائح المرشحة جاء مجردا من أي حجة تثبته، أما عدم تسليم محاضر هذه المكاتب إلى ممثلي المرشحين، فإنه، على فرض ثبوته، يبقى إجراء لاحقا للعملية الانتخابية وعدم التقيد به لا يترتب عليه، في حد ذاته، تأثير في نتيجة الاقتراع، ومن جهة رابعة، إن الإدلاء بأوراق للتصويت لا يقوم وحده دليلا على أنه قد تم إخراجها من طرف المطعون في انتخابهم من مكاتب التصويت واستعمالها لإفساد العملية الانتخابية؛

وحيث إنه، تأسيسا على ما سلف بيانه، تكون المآخذ المتعلقة بسير الاقتراع غير قائمة على أساس صحيح من وجه، وغير مؤثرة من وجه آخر؛

في شأن المآخذ المتعلقة بتحرير محاضر بعض مكاتب التصويت:

حيث إن هذه المآخذ تتجلى في دعوى أن محضر مكتب التصويت رقم 25 بجماعة سانية بركيك غير مذيل بتوقيع الرئيس إذ تضمن أن رئيس المكتب خرج عند الساعة الرابعة و28 دقيقة دون أن يشير إلى عودته أو إلى اسم العضو الذي أنابه عنه أثناء غيابه، وأن محضر مكتب التصويت رقم 10 بالجماعة المذكورة لم يذيل بتوقيع العضو الثالث، وأن محضر مكتب التصويت رقم 37 بنفس الجماعة خال من البيانات الخاصة بكل من عدد المسجلين والمصوتين والأوراق الملغاة والأصوات المعبر عنها، بالإضافة إلى أنه لا يتضمن توقيعات أعضاء المكتب، وأن محضر مكتب التصويت رقم 14 بجماعة أولاد سبيطة لا يحمل توقيع الرئيس، وأن محضري مكتبي التصويت رقم 16 بنفس الجماعة و31 بجماعة الغنادرة لم يوقعا إلا من طرف الرئيس دون باقي أعضاء المكتب؛

لكـن حيث، من جهة أولى، إنه يبين من الرجوع إلى محضر مكتب التصويت رقم 25 بجماعة سانية بركيك، المودع لدى المحكمة الابتدائية، أنه مذيل بتوقيع الرئيس، وأن ما عيب على نسخته المدلى بها لا يعدو أن يكون مجرد إغفال لا تأثير له، كما أن نفس المحضر، سواء المدلى بنسخة منه أو المودع لدى المحكمة، تضمن الإشارة إلى أن رئيس مكتب التصويت خرج عند الساعة الرابعة و 28 دقيقة، وليس فيه ما يدل على أنه لم يعوض أثناء غيابه بالشخص المعين ليقوم مقامه أثناء غيابه، ولم يقع الإدلاء بأي حجة لإثبات خلاف ذلك، ومن جهة ثانية، إنه يتضح من الاطلاع على محاضر مكاتب التصويت رقم 14 و16 بجماعة أولاد سبيطة و31 بجماعة الغنادرة أنها تحمل جميعها التوقيعات اللازمة، وأن ما عيب على نسخها المدلى بها لا يعدو بدوره أن يكون مجرد إغفال لا تأثير له، ومن جهة ثالثة، إنه بصرف النظر عن مكتب التصويت رقم 10 بجماعة سانية بركيك، الذي تم استبعاده سابقا، فإنه يبين من الاطلاع على محضر مكتب التصويت رقم 37 بنفس الجماعة، سواء المدلى بنسخته أو المودع لدى المحكمة الابتدائية، أنه بالفعل لم يذيل بالتوقيعات المطلوبة، وهو ما يشكل مخالفة لأحكام المادة 68 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، مما يتعين معه استبعاد الأصوات المدلى بها في هذا المكتب من النتيجة العامة للاقتراع وعدم احتساب ما ناله منها مختلف المرشحين في عداد الأصوات التي نالها كل منهم في مجموع الدائرة الانتخابية، غير أن الفائز الأخير والمرشح الذي يليه في الترتيب حصلا في هذا المكتب على التوالي: 92 وصفر، فإن ذلك لن يكون له تأثير في نتيجة الاقتراع مادام الفائز الأخير ضمن المرشحين الفائزين يبقى متقدما على المرشح الذي يليه في الترتيب بـ 148 صوتا، بعد مراعاة الفارق المذكور سابقا؛

وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق بيانه، تكون المآخذ المتعلقة بتحرير محاضر بعض مكاتب التصويت غير قائمة على أساس صحيح من وجه، وغير مؤثرة من وجه آخر؛

في شأن البحث المطلوب:

حيث إنه بناء على ما سبق عرضه، لا داعي لإجراء البحث المطلوب؛

لهذه الأسباب

ومن غير حاجة إلى الفصل فيما أثاره المطعون في انتخابهم من دفوع شكلية؛

أولا: يصرح بالإشهاد على تنازل السيدين أحمد حنصالي و المصطفى المخنتر؛

ثانيا: يقضي برفض طلب كل من السيدين حسن بنتيس ومسعود أبو زيد الرامي إلى إلغاء نتيجة الاقتراع الذي أجري في 7 سبتمبر2007 بالدائرة الانتخابية "أولاد بوعزيز الزمامرة" (إقليم الجديدة)، وأعلن على إثره انتخاب السادة محمد زاهيدي والمصطفى المخنتر ومحمد أبو الفراج أعضاء بمجلس النواب؛   

ثالثا: يأمر بتبليغ نسخة من قراره هذا إلى السيد رئيس مجلس النواب وإلى الأطراف وبنشره في الجريدة الرسمية.

وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط في يوم الثلاثاء 22 جمادى الآخرة 1430 (16 يونيو 2009)

                                                                                                                                                                                       

الإمضاءات

محمد أشركي

عبد القادر القادري              عبد الأحد الدقاق      هانيء الفاسي         صبح الله الغازي

حمداتي شبيهنا ماء العينين       ليلى المريني         أمين الدمناتي         عبد الرزاق مولاي ارشيد

محمد الصديقي                  محمد أمين بنعبد الله