قرارات المجلس الدستوري


قرار رقم : 2008/717
تاريخ صدور القرار : 2008/10/23

 المملكة المغربية            الحمد لله وحده

المجلس الدستوري

ملفان رقم : 07/983 و07/ 984

قرار رقم : 08/ 717 م. د

 

باسم جلالة الملك

المجلس الدستوري ،

بعد اطلاعه على العريضتين المسجلتين بأمانته العامة في 21 سبتمبر 2007 المقدمتين ، الأولى من طرف السيد اسلامة بيرة و السيدة مليكة أبيه بنت محمد ، والثانية من طرف السيدين مبارك البطاح وعبد اللطيف فتاح ـ بصفتهم مرشحين ـ طالبين فيهما إلغاء نتيجة الاقتراع الذي أجري في 7 سبتمبر 2007 بالدائرة الانتخابية "طانطان" (إقليم طانطان) ، وأعلن على إثره انتخاب السيدين السالك بولون وعمر بوعيدا عضوين بمجلس النواب ؛

وبعد الاطلاع على المذكرات الجوابية المسجلة نفس الأمانة العامة في 21 و23 يناير 2008 ؛

وبعد الاطلاع على المستندات المدلى بها ، وعلى باقي الوثائق المدرجة في الملفين ؛

وبناء على الدستور ، خصوصاً الفصل 81 منه ؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري ، الصادر في 14 رمضان 1414 (25 فبراير 1994) كما وقع تغييره وتتميمه ؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 97-31 المتعلق بمجلس النواب ، الصادر في فاتح جمادى الأولى 1418 (4 سبتمبر1997) كما وقع تغييره وتتميمه ؛

وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون ؛

وبعد ضم الملفين للبت فيهما بقرار واحد لتعلقهما بنفس العملية الانتخابية ؛

في شأن المآخذ المتعلقة بالحملة الانتخابية وحرية الاقتراع :

حيث إن هذه المآخذ تتلخص في دعوى ، من جهة أولى ، أن عدداً  من رؤساء الجماعات الحضرية والقروية التابعة للدائرة الانتخابية طانطان استغلوا سلطتهم عند ترؤسهم للجان الإدارية المكلفة بمراجعة اللوائح الانتخابية وخاصة رئيس بلدية طانطان للقيام "بعملية إنزال" شملت نقل تسجيل عدد كبير من الناخبين من جماعة إلى أخرى ، كما هو الشأن بجماعة رأس أمليل التابعة لإقليم كلميم التي سجل ناخبوها ضمن لوائح بلدية طانطان ، وذلك من أجل "استقطاب" هذه الأصوات لفائدة أحد المطعون في انتخابهما ، ومن جهة ثانية ، أن رؤساء مجالس جماعات الشبيكة وابن خليل والوطية وطانطان قاموا ، خلافا لما تنص عليه المادتان 32 و33 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب ، بتسخير الوسائل المادية التابعة للجماعات التي يرأسونها في الحملة الانتخابية لفائدة المطعون في انتخابهما ، وتوظيف مجموعة من العاملين التابعين لهذه الجماعات من أجل الدعاية الانتخابية لفائدتهما وتوزيع منشوراتهما الانتخابية ، ومن جهة ثالثة ، أن بعض رجال السلطة تواطؤوا مع المطعون في انتخابهما فقاموا بالدفع بمساعديهم لحث الناخبين على التصويت في اتجاه معين ، كما عمد مدير مؤسسة شبه عمومية إلى تهديد العمال والبحارة التابعين لهذه المؤسسة من أجل التصويت لفائدة مرشح لائحة الحمامة ، بالإضافة إلى تدخل السيد وكيل الملك من أجل تغيير المتابعة من مخالفة انتخابية إلى مخالفة للسير في حق أحد أعوان مرشح لائحة الميزان بعد محاصرته وإلقاء القبض عليه وهو يوزع المال على الناخبين بالقرب من مكاتب التصويت ، مما يؤكد أن السلطات العامة كانت تغض الطرف عن الأفعال المخالفة للقانون الانتخابي المتمثلة في إحداث نقط لشراء الأصوات واستعمال وسائل الترهيب ، المرتكبة من طرف المطعون في انتخابهما خصوصاً وأن جميع الشكايات الموجهة إليها في هذا الشأن لم يتم تحريك البحث فيها وكان مآلها الحفظ ، مما مكًّن المطعون في انتخابهما ومناصريهما من خرق القانون الانتخابي طيلة مراحل العملية الانتخابية ، ومن جهة رابعة ، أن المطعون في انتخابهما واصلا حملتهما الانتخابية طيلة يوم الاقتراع وذلك بتسخير جميع الوسائل المادية لترغيب أو ترهيب الناخبين من أجل استمالتهم للتصويت عليهما ، وأقاما من أجل ذلك نقطاً بالقرب من مكاتب التصويت بمختلف أرجاء الدائرة الانتخابية لاستقطاب الناخبين ، كما ظلت سياراتهما وسيارات مساعديهما تنقل الناخبين بعد تسليمهم مبالغ مالية من أجل التصويت لصالح المطعون في انتخابهما ، ومن جهة خامسة ، أن المطعون في انتخابهما بتواطؤ مع بعض رجال السلطة استطاعا الحصول على أوراق التصويت ، حيث عمد أعوان كل واحد منهما بالتأشير على الرمز المخصص للائحة التي يناصرها وتسليمها للناخبين لإيداعها بالصندوق و إرجاع ورقة التصويت المسلمة لهم مقابل مبلغ مالي، مما أفقد الاقتراع طابع السرية المنصوص عليه في المادة 32 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب ؛

لكن ،

حيث ، إنه فضلا عن أن الطرف الطاعن لم يشر في عريضته إلى مراجع محضر الضابطة القضائية المتعلقة بادعائه إلقاء القبض على مساعد أحد المطعون في انتخابهما وهو يوزع المال على الناخبين قرب مكاتب التصويت ، فإن باقي الادعاءات تتعلق كلها بوقائع لم تدعم بأي حجة أو مستند لا فيما يخص حقيقة حصولها ولا إثبات ما قد يكون ترتب عليها بالفعل من تأثير في نتيجة الاقتراع ، الأمر الذي تكون معه المآخذ المتعلقة بالحملة الانتخابية وحرية التصويت غير قائمة على أساس صحيح ؛

في شأن المآخذ المتعلقة بتشكيل مكتب للتصويت وسير عملية الاقتراع :

حيث إن هذه المآخذ تتلخص في دعوى ، من جهة أولى ، مخالفة أحكام المادة 68 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب عند تشكيل مكتب التصويت رقم 30 ببلدية طانطان بعد تغيب عضوه الثاني عن الحضور وعدم تعويضه بأحد الناخبين الحاضرين عند افتتاح الاقتراع ، واكتفاء هذا المكتب في عمله بتشكيلة ناقصة ، ومن جهة ثانية، مخالفة مقتضيات المادة 69 من القانون سالف الذكر لعدم افتتاح عملية التصويت في وقتها القانوني كما هو الحال بمكاتب التصويت ذات الأرقام 6 و50 و51 ببلدية طانطان ، ومن جهة ثالثة ، استقطاب أشخاص غرباء للتصويت لفائدة المطعون في انتخابهما ببطاقات انتخابية غير موزعة على أصحابها مقتصرين لإثبات هويتهم على شهادة أشخاص موالين للمرشحين الفائزين دون تقديم البطاقة الانتخابية ولا بطاقة التعريف الوطنية كما حدث بمكاتب التصويت رقم 6 بجماعة الشبيكة و31 و55 و59 ببلدية طانطان ؛ 

لكن حيث، من جهة أولى ، إنه يبين من الاطلاع على الملاحظة المسجلة بمحضر مكتب التصويت رقم 30 ببلدية طانطان ، سواء المدلى به أو المودع لدى المحكمة الابتدائية بطانطان ، أن ما نعي على تشكيل مكتبه من غياب العضو الثاني وممارسة العمل به طيلة يوم الاقتراع بتشكيلة ناقصة صحيح ، مما يُعَدُّ خرقاً لما نصت عليه المادة 68 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب ،  يترتب عليه استبعاد الأصوات المدلى بها في هذا المكتب والبالغة 156 صوتا من النتيجة العامة للاقتراع وعدم احتساب ما نالته منها مختلف اللوائح المرشحة في عداد الأصوات التي حصل عليها كل منها في الدائرة الانتخابية ، إلا أن ذلك لن يكون له تأثير  في نتيجة الاقتراع لأن المرشح الذي يحتل المرتبة الأخيرة ضمن الفائزين ـ الذي حصل بهذا المكتب على 55 صوتا ـ يبقى متقدما على الذي يليه في الترتيب ـ الذي حصل على 8  أصوات ـ بـ 2245 صوتا ، بعدما كان الفرق بينهما في الأصل 2292 صوتا ، ومن جهة ثانية ، إنه يتضح بالرجوع إلى محاضر مكاتب التصويت رقم 6 و50 و51 ببلدية طانطان، سواء المدلى بها أو المودعة لدى المحكمة الابتدائية ، أن تأخير افتتاح عملية الاقتراع بهذه المكاتب ، وخلافا لما جاء في الادعاء ، كان له ما يبرره في النازلة من خلال ما ضُمّن من ملاحظات بمحاضر هذه المكاتب ، من تعذر تشكيلها في الوقت المحدد قانونا لعدم حضور بعض الأعضاء المعينين أو نوابهم وتعويض بعضهم بناخبين مسجلين، علما أن افتتاح الاقتراع بعد مدة لا تتجاوز 50 دقيقة في أقصى حالات المكاتب موضوع الادعاء، لم يكن له ، في النازلة ، تأثير في نتيجة الاقتراع ، ومن جهة ثالثة ، إنه يتجلى من الاطـلاع على محاضر مكاتب التصويت رقم 6 بجماعة الشبيكة و31 و55 و59 ببلدية طانطان ، سواء المدلى بها أو المودعة لدى المحكمة الابتدائية ، أن الناخبين التسعة المشار إليهم في الخانات المخصصة للملاحظات بهذه المحاضر صوتوا ، خلافاً لما ورد في الادعاء ، خمسة منهم ببطائقهم الانتخابية والأربعة الآخرون ببطاقات تعريفهم ، مما يكون معه إثبات هوية هؤلاء قد تم وفق أحكام المادة 71 من القانون التنظيمي المذكور ، ويكون ما أشير إليه، سواء بالادعاء أو الملاحظات المدونة بالمحاضر المذكورة ، من التعريف بهؤلاء الناخبين من طرف الشهود إجراء زائد ؛

وحيث إنه ، تأسيساً على ما سلف بيانه ، تكون المآخذ المتعلقة بتشكيل مكتب التصويت وسير عملية الاقتراع ، غير مؤثرة من وجه وغير قائمة على أساس صحيح من وجه آخر ؛

في شأن المآخذ المتعلقة بتحرير بعض محاضر مكاتب التصويت وتسليم ظرف غير مشمع إلى لجنة الإحصاء :

حيث إن هذه المآخذ تتمثل في دعوى ، من جهة ، أنه تمت مخالفة أحكام المادتين 74 و75 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب ، لعدم تحرير المحاضر المنجزة بمكاتب التصويت  بصفة قانونية ، ذلك أن محاضر مكاتب التصويت ذات الأرقام 6 و7 و10 و11 بجماعة الشبيكة و5 و15 و34 و48 و60 ببلدية طانطان ، لا تتضمن جميع البيانات المطلوبة مع عدم إمضائها من طرف أعضاء المكتب ، وأن محاضر مكاتب التصويت التي تحمل الأرقام 17 و22 و24 و25 ببلدية طانطان لم يُدَوَّن بها عدد الأصوات المحصل عليها من طرف اللوائح المرشحة  بالحروف ، بالإضافة إلى وجود أخطاء في حساب الأصوات وتناقض في الأعداد المسجلة بمختلف أعمدة وخانات محاضر مكاتب التصويت ذات الأرقام 8 و39 و46 ببلدية طانطان ، بالإضافة إلى ملاحظة أخطاء في نقل نتائج هذه المحاضر عند تدوينها بمحضر المكتب المركزي رقم 4 لنفس البلدية وبمحضر اللجنة الإقليمية للإحصاء ، ومن جهة أخرى ، أنه خلافاً لما ينص عليه القانون ، فإن محضر المكتب المركزي رقم 4 لم يُرفق بالأوراق الملغاة والمتنازع فيها ، بالإضافة إلى تسليم الظرف المتعلق به إلى لجنة الإحصاء وهو غير مشمع ؛

لكن، حيث من جهة أولى ، إنه يبين من الاطلاع على  محاضر مكاتب التصويت رقم 7 و10 و11 بجماعة الشبيكة و15 و34 و48 و60 ببلدية طانطان المودعة لدى المحكمة الابتدائية ، ونظيري المحضرين رقم 6 بجماعة الشبيكة و5 ببلدية طانطان المدلى بهما، أنها تضمنت جميع البيانات اللازمة ومذيلة بجميع التوقيعات ، وأن عدم توقيع النظائر المدلى بها  بمحاضر مكاتب التصويت رقم 7 و10 و11 بجماعة الشبيكة و48 ببلدية طانطان ونقصان بعض البيانات الإحصائية في نظائر محاضر مكاتب التصويت رقم 15 و 34 و60 ببلدية طانطان لا يعدو أن يكون مجرد إغفال لا تأثير له، كما أنه بالرجوع إلى محاضر مكاتب التصويت رقم 17 و22 و24 و25 ببلدية طانطان المودعة لدى المحكمة الابتدائية يتضح أن نتائج العملية الانتخابية مدونة بها بالأرقام والحروف ، ولئن كانت هذه النتائج مسجلة بالأرقام دون الحروف بنظائر المحاضر المذكورة المدلى بها ، فإنه لا يوجد في القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب أي مقتضى يلزم مكتب التصويت بتدوين عدد الأصوات بالحروف ، ومن جهة ثانية ، إن ادعاء وجود أخطاء في حساب عدد الأصوات المدونة بمحاضر مكاتب التصويت رقم 8 و39 و46 ببلدية طانطان والمكتب المركزي رقم 4 ومحضر لجنة الإحصاء وتناقض الأرقام المسجلة بها ، قد جاء عاما لعدم تحديد البيانات والأرقام التي شابها الخطأ والتناقض، مما تعذر معه على المجلس الدستوري مراقبة صحة المأخذ، ومن جهة ثالثة ، إنه يتجلى من الاطلاع على محضر المكتب المركزي رقم 4 المودع لدى المحكمة الابتدائية مع مرفقاته، أنه خلافا للادعاء ، أرفق بجميع محاضر مكاتب التصويت التابعة له والأوراق الملغاة الخاصة به ، أما الأوراق المتنازع فيها فقد أشير إلى عدم وجودها ، وبخصوص الملاحظة الواردة بمحضر لجنة الإحصاء بشأن محضر المكتب المركزي رقم 6 بجماعة بن خليل وليس رقم 4 كما ورد في الادعاء ، الذي ورد على اللجنة في ظرف غير مشمع ، فإن المراجعة التي قام بها المجلس الدستوري لمحاضر مكاتب التصويت التابعة للمكتب المركزي رقم 6 ، أظهرت صحة النتائج المضمنة به وهي نفس النتائج التي اعتبرتها اللجنة الإقليمية للإحصاء واحتسبتها في محضرها ، مما يكون معه عدم تشميع غلاف المحضر المعني بدون أي تأثير في نتيجة الاقتراع ؛

وحيث إنه ، استناداَ إلى ما تم بيانه ، تكون المآخذ المتعلقة بتحرير بعض محاضر مكاتب التصويت وتسليم ظرف غير مشمع إلى لجنة الإحصاء غير قائمة على أساس صحيح ؛

لهذه الأسباب

ومن غير حاجة للفصل في الدفع المتعلق بعدم قبول الطلب من حيث الشكل ،

أولا : يقضي  برفض طلب السيدة مليكة أبيه بنت محمد والسادة اسلامة بيرة ومبارك البطاح وعبد اللطيف فتاح ، الرامي إلى إلغاء نتيجة الاقتراع الذي أجري في 7 سبتبمر 2007 بالدائرة الانتخابية "طانطان" (إقليم طانطان) ، وأعلن على إثره انتخاب السيدين السالك بولون وعمر بوعيدا عضوين بمجلس النواب ؛

ثانياً : يأمر بتبليغ نسخة من قراره هذا إلى السيد رئيس مجلس النواب وإلى الأطراف وبنشره في الجريدة الرسمية.

وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط في يوم الخميس 23 شوال 1429 (23 أكتوبر 2008)

                                                                                                 

الإمضاءات

محمد أشركي

عبد القادر القادري             عبد الأحد الدقاق            هانيء  الفاسي    

صبح الله الغازي            شبيهنا حمداتي ماء العينين           أمين الدمناتي      

عبد الرزاق مولاي ارشيد           رشيد المدور           محمد أمين بنعبد الله