المملكة المغربية الحمد لله وحده
المجلس الدستوري
ملفات رقم : 07/917 و07/918 و07/919 و07/1009
قرار رقم : 08/716 م. د
باسم جلالة الملك
المجلس الدستوري ،
بعد الاطلاع على العرائض الأربع المسجلة بأمانته العامة في 20 و21 سبتمبر2007 ، التي قدمها السادة محمد بكاري وأحمد الوطاسي والأمين البقالي الطاهري ومرزوق مخلوف ـ بصفتهم مرشحين ـ الأولان في مواجهة السيد سلام عزوز طالبين فيها إلغاء انتخابه ، والآخران في مواجهة السادة أحمد ايتونة وعبد الرحمان المتيوي وعبد العزيز لشهب بالإضافة إلى السيد سلام عزوز طالبين فيها إلغاء نتيجة الاقتراع الذي أجري في 7 سبتمبر2007 بالدائرة الانتخابية "شفشاون" (إقليم شفشاون) ؛
وبعد التحقق ، بالرجوع إلى أوراق الملفين المقدمين ، من كون السيدين الأمين البقالي الطاهري ومرزوق مخلوف ، لم يدليا بباقي المستندات المعززة لطعنهما بعد أن منحهما المجلس الدستوري أجلا إضافيا لذلك ؛
وبعد الاطلاع على المذكرات الجوابية المسجلة بالأمانة العامة للمجلس الدستوري في 12 و13 و26 مارس 2008 ؛
وبعد استبعاد المذكرات الجوابية المسجلة بنفس الأمانة العامة في 5 و7 فبراير و25 مارس 2008 المدلى بها من طرف المطعون في انتخابه السيد سلام عزوز لإيداعها خارج الأجل المحدد من طرف المجلس الدستوري ؛
وبعد الاطلاع على المستندات المدلى بها وعلى باقي الوثائق المدرجة بالملفات الأربعة ؛
وبناء على الدستور ، خصوصا الفصل 81 منه ؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري ، كما وقع تغييره وتتميمه ؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 97-31 المتعلق بمجلس النواب، كما وقع تغييره وتتميمه ؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون ؛
وبعد ضم الملفات الأربعة للبت فيها بقرار واحد لتعلقها بنفس العملية الانتخابية ؛
في شأن الوسيلة الأولى المتخذة من أن الانتخاب لم يجر طبقا للإجراءات المقررة في القانون :
حيث إن هذه الوسيلة تتلخص في دعوى مخالفة أحكام المادة 68 من القانون التنظيمي رقم 97-31 المتعلق بمجلس النواب ، وعدم احترام الإجراءات المنظمة للعمليات الانتخابية ، لما شابها من ممارسات مست بصدق الاقتراع وبسرية التصويت تتجلى ، من جهة ، في تعيين رؤساء مكاتب التصويت ونوابهم الذين سبق تكليفهم بهذه المهمة خلال استحقاقات 2002 ، حين كان المطعون في انتخابه السيد سلام عزوز يشغل منصب رئيس جماعة زومي ، الذي خول له " تعيين" هؤلاء الرؤساء من الموالين له ، ومن جهة أخرى ، في إصدار عامل إقليم شفشاون ـ في حالات كثيرة ـ قرارات تعيين رؤساء مكاتب التصويت في الساعات الأخيرة من اليوم السابق للاقتراع ، بل ، وبعد إعلام رؤساء مكاتب التصويت بجماعات فيفي وبني فغلوم وزومي ومقريصات وغيرها بتعيينهم في مكاتب محددة ، تم إشعارهم من جديد في آخر ساعات يوم 6 سبتمبر2007 بتعيينات تحمل تواريخ سابقة ، وقد كان من نتائج هذه التغييرات ، أن استفاد المطعون في انتخابهما الأول والثالث بتواطئهما مع بعض رؤساء مكاتب التصويت من التلاعب في عملية الاقتراع بقيادتي بني أحمد وزومي ، ومن عدم انتداب الطاعنين الثالث والرابع لنواب لهما في البعض من تلك المكاتب لثقتهما في التعيين الأول لرؤسائها ، ومن تقاعس السلطات المحلية عن حماية مشروعية الاقتراع ، وذلك بالتغاضي عن المساس بالضوابط القانونية المتعلقة بعملية التصويت ، والمتمثلة في:
ـ عدم التأكد من هوية الناخب وتلاوة اسمه ودخوله المخدع بعد حيازته ورقة التصويت وإيداعها في الصندوق ووضع مداد غير قابل للمحو على أصبعه لتفادي تكرار تصويته ؛
ـ حشو صناديق الاقتراع بمآت أوراق التصويت بطرق غير قانونية ، باسم أشخاص متوفين أو غائبين أو مهاجرين ، وذلك بدواوير تلمداود واكلالة العليا واهلولة وغيرها من دواوير جماعتي بني احمد الشرقية والغربية خاصة ، وقيادتي بني احمد وزومي عامة ، لتمكين المطعون في انتخابهما المذكورين من الاستفادة من أكبر عدد من الأصوات غير المستحقة ؛
ـ تسريب وتداول كم هائل من أوراق التصويت الفريدة خارج مكاتب التصويت لفائـدة جهات تتوفر على الدعم والحماية من السلطات المحلية المكلفة بمسك هذه الأوراق ، سواء بعلمها أو بعلم رؤساء مكاتب التصويت ، ليتم استعمالها من أجل التأثير على سلامة الاقتراع ، حيث تعطى للناخب الورقة المسربة مؤشر عليها بالعلامة المناسبة على رمز اللائحة المعنية قصد التصويت بها ، على أن يسلم ورقة التصويت التي أخذها من مكتب التصويت لتعبئتها من جديد وتمكين الناخب الموالي منها ، للتصويت بها لفائدة المطعون في انتخابهم وذلك ببلدية شفشاون وقيادتي بني أحمد وزومي ؛
لكن ،
حيث ، من جهة أولى ، إنه فضلا عن عدم إدلاء الطاعنين بما يفيد وقوع تغيير في قراري تعيين رئيسي مكتبي التصويت رقم 514 و572 بجماعتي مقريصات وزومي ، فإنه يبين من الاطلاع على قرارات تعيين رؤساء مكاتب التصويت ونوابهم المتعلقة بجماعات زومي ومقريصات وفيفي وبني فغلوم ، التي استحضرها المجلس الدستوري، أنها صدرت جميعها من طرف عامل إقليم شفشاون بتاريخ 4 سبتمبر2007 ، المختص وحده بتعيين هؤلاء الرؤساء ، إضافة إلى أنه ليس في القانون ، ما يمنع تكليف نفس رؤساء مكاتب التصويت الذين سبق تعيينهم في انتخابات سابقة ، ما دام أنهم مؤهلون لذلك قانونا ، ومتوفرة فيهم شروط النزاهة والحياد ، مما يتعين معه القول أن تعيين رؤساء مكاتب التصويت ونوابهم جاء مطابقا لأحكام الفقرة الأولى من المادة 68 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب ؛
وحيث ، من جهة ثانية ، إنه علاوة على عدم إدلاء الطاعنين بما يثبت تواطؤ رؤساء بعض مكاتب التصويت مع المطعون في انتخابهما المذكورين لإفساد سير الاقتراع ، فإن ادعاء التغاضي عن المساس بالضوابط القانونية وعدم احترام الإجراءات الشكلية المتعلقة بالعملية الانتخابية المشار إليها أعلاه ، لم يحدد أرقام ومقار مكاتب التصويت المعنية بهذه المخالفات ، حتى يتسنى للمجلس الدستوري مراقبة صحتها ؛
وحيث ، من جهة ثالثة ، إن ادعاء التصويت باسم أشخاص متوفين أو غائبين أو مهاجرين ، لم يعزز بأي دليل يثبته ؛
وحيث ، من جهة رابعة ، إن أوراق التصويت المدلى بها لا تقوم وحدها حجة على أنه وقع تسريبها من مكاتب التصويت وتداولها خارج هذه المكاتب لفائدة المطعون في انتخابهم ، أو أنها استعملت لإفساد العملية الانتخابية ؛
وحيث إنه ، على مقتضى ما سبق بيانه ، تكون الوسيلة المتخذة من أن الانتخاب لم يجر طبقا للإجراءات المقررة في القانون غير قائمة على أساس صحيح ؛
في شأن الوسيلة الثانية المتخذة من أن الاقتراع لم يكن حرا وشابته مناورات تدليسية :
حيث إن هذه الوسيلة تقوم على دعوى ، من جهة أولى ، استعمال المال لشراء ذمم وأصوات الناخبين من طرف المطعون في انتخابهم ، واستعانة أحدهم أثناء الحملة الانتخابية بالعديد من أصحاب السوابق والمشبوه فيهم للضغط على المواطنين وتهديدهم للتصويت لفائدته ، وقد نتج عن هذه الممارسات حصول المطعون في انتخابهما الأول والثالث ، بقيادة بواحمد وجماعتي بوقرة وأسجن ، على أزيد من ألف صوت لكل واحد منهما ، ومن جهة ثانية ، وقوع "خروقات" في بعض مكاتب التصويت ، تتمثل في أن الأصوات المسجلة في بعضها لم تتعد ثلاث مائة صوت ، في حين جاوزت في البعض الآخر خمس مائة صوت وكلها لفائدة المطعون في انتخابه الأول ، رغم أن هذه المكاتب كانت مملوءة بالناخبين من الساعة الثامنة والنصف صباحا إلى الساعة السابعة مساء ، وفي طرد رئيس مكتب تصويت بدوار القلعة لمجموعة من الناخبين لرفضهم التصويت لفائدة المطعون في انتخابه الأول ، ومن جهة ثالثة ، تقاعس السلطة المحلية أحيانا عن القيام بالدور الموكول لها ، وتدخلها أحيانا أخرى في بعض المناطق بالدائرة الانتخابية تدخلا "واضحا وصريحا" من خلال دعمها لبعض المرشحين ، بتجنيد أعوانها خاصة بجماعات بني أحمد الشرقية والغربية ، وبوقرة وأسجن ، وشيوخ فرق بني يمل وامتيوة وأولاد خيرون ، للدعاية للمطعون في انتخابهما الأول والثالث ، والضغط على المواطنين للتصويت لفائدتهما ، وقد ضبط أحد أعوان هذه السلطة بجماعة اسطيحة يقوم بالدعاية لفائدة المطعون في انتخابه الثالث ، ورغم تعدد الشكايات الموجهة في هذا الشأن للجهات المسؤولة فإنه لم يتخذ أي إجراء بشأنها ، ومن جهة رابعة ، حصول خلط للناخبين في التمييز بين رمزي الوردة والتفاحة ، لتشابههما في اللون، مما ضيع على الطاعن الثالث ، وكيل لائحة رمز الوردة ، أزيد من تسع مائة صوت بقبيلته بجماعتي فيفي وبني فغلوم ، وبجماعات مقريصات وزومي وتنقوب ، بعلة أن أصحاب هذه الأصوات كانوا يقصدون التصويت على رمز الوردة وليس على رمز التفاحة ، بدليل أن أوراق الدعاية الانتخابية لرمز التفاحة لم تصل لهذه الجماعات ؛
لكن ،
حيث ، من جهة أولى ، إن ما تضمنه الادعاء من بذل الأموال لشراء ذمم وأصوات الناخبين ، وتهديدهم والضغط عليهم ، يتعلق بوقائع مادية لم تدعم بأي حجة تثبت صحة حدوثها ، وأن الشكايتين المسجلة إحداهما لدى النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بشفشاون والأخرى لدى النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بوزان تقرر بشأنهما الحفظ ، وأن حصول المطعون في انتخابهما الأول والثالث على أزيد من ألف صوت في بعض مكاتب التصويت ، وعدم وجود تناسب بين عدد الناخبين وعدد الأصوات المعبر عنها في البعض الآخر من المكاتب ليس في حد ذاته حجة على أن النتيجة المثبتة في محاضر هذه المكاتب شابتها مناورات تدليسية ، أما ما ادعي من وقوع مخالفات في بعض مكاتب التصويت ، وطرد رئيس مكتب تصويت بدوار القلعة لمجموعة من الناخبين ـ الذين لم يتم الإدلاء بلائحة أسمائهم خلافا لما جاء في عريضة الطعن ـ وحرمانهم من التصويت ، فإنه تعوزه الدقة لعدم تحديد أرقام ومقار المكاتب المعنية بهذه المخالفات ، مما تعذر معه على المجلس الدستوري مراقبة صحة هذا الادعاء ؛
وحيث ، من جهة ثانية ، إن ما ادعي من تقاعس السلطة المحلية في القيام بالدور الموكول لها ، وتدخلها بتجنيد أعوانها لدعم بعض المرشحين لم يعزز بما يثبته ، وأن الشكايات الموجهة للسيد عامل إقليم شفشاون وقائد قيادة جماعة زومي ، وقصاصات الجريدة والقرص المدمج المدلى بها ، لا تكفي وحدها لإثبات صحة ما ورد في الادعاء ؛
وحيث ، من جهة ثالثة ، إن ما ادعي من فقدان المطعون في انتخابه الثالث لأزيد من تسع مائة صوت ، لحصول خلط للناخبين بين رمزي الوردة والتفاحة ، فإنه يبين من الاطلاع على أوراق التصويت المدلى بها ، أن رمزي الوردة والتفاحة لئن كان بينهما تشابه واضح في اللون ، فإنهما يختلفان اختلافا جليا في الشكل ، مما لا يترتب عنه أي خلط لدى الناخبين في التمييز بينهما ؛
وحيث إنه ، تأسيسا على ما سبق بيانه ، تكون الوسيلة المتخذة من أن الاقتراع لم يكن حرا وشابته مناورات تدليسية ، غير قائمة على أساس صحيح ؛
في شأن البحث المطلوب :
وحيث ، إنه بناء على ما سلف ، لا حاجة لإجراء البحث المطلوب ؛
لهذه الأسباب
أولا : يقضي برفض طلب السادة محمد بكاري وأحمد الوطاسي والأمين البقالي الطاهري ومرزوق مخلوف ، الرامي إلى إلغاء نتيجة الاقتراع الذي أجري بتاريخ 7 سبتمبر 2007 في الدائرة الانتخابية "شفشاون" (إقليم شفشاون) وأعلن على إثره انتخاب السادة أحمد ايتونة وعبد الرحمان المتيوي وسلام عزوز وعبد العزيز لشهب أعضاء بمجلس النواب ؛
ثانيا : يأمر بتبليغ نسخة من قراره هذا إلى السيد رئيس مجلس النواب وإلى الأطراف وبنشره في الجريدة الرسمية ؛
وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط في يوم الخميس 16 شوال 1429 (16 أكتوبر 2008)
الإمضاءات
محمد أشركي
عبد القادر القادري عبد الأحد الدقاق هانيء الفاسي صبح الله الغازي
شبيهنا حمداتي ماء العينين ليلى المريني أمين الدمناتي عبد الرزاق مولاي ارشيد
رشيد المدور محمد أمين بنعبد الله