قرارات المجلس الدستوري


قرار رقم : 2005/600
تاريخ صدور القرار : 2005/02/09

المملكة المغربية            الحمد لله وحده

المجلس الدستوري

ملفان رقم : 02/571 و02/639

قرار رقم : 05/ 600 م. د

باسم جلالة الملك

المجلس الدستوري ،

بعد الاطلاع على العريضتين المسجلتين بالأمانة العامة للمجلس الدستوري في 11 و3 أكتوبر 2002 اللتين قدمهما السيدان بريك عبودي وعبد الوهاب بنطالب ـ بصفتهما مرشحين ـ  الأول في مواجهة السيد جمال الدين العكرود ، طالبا إلغاء انتخابه والثاني في مـواجهة كل من هذا الأخير والسيد محمد الشعيبي ، طالبا فيها إلغاء نتيجة الاقتراع الذي أجري في 27 سبتمبر2002 بالدائرة الانتخابية "الرحامنة" (إقليم قلعة السراغنة) وأعلن على إثره انتخاب السادة جمال الدين العكرود وعبد السلام الباكوري ومحمد الشعيبي أعضاء في مجلس النواب ؛

وبعد الاطلاع على "المقال الإصلاحي" المقدم من طرف الطاعن السيد عبد الوهاب بنطالب والمسجل لدى نفس الأمانة العامة بتاريخ 10 أكتوبر 2002 ؛

وبعد استبعـاد المذكـرات الإضـافية المـدلى بـها من لـدن الطـاعنين في 12 و18 فبـراير و22 أبريل 2002 ، وذلك لإيداعها خارج الأجل القانوني ؛ 

وبعد الاطلاع على المذكرات الجوابية المقدمة في 28 فبراير و13 مارس 2003 وعلى المذكرات التعقيبية المقدمة في 11 و18 يونيو 2003 ؛

وبعد الاطلاع على المستندات المدلى بها وعلى باقي الوثـائق المدرجة في الملفين ؛

وبناء على الدستور ، خصوصاً الفصل 81 منه ؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري ، كما وقع تغييره وتتميمه ؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 97-31 المتعلق بمجلس النواب، كما وقع تغييره وتتميمه ؛

وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون ؛

وبعد ضم الملفين للبت فيهما بقرار واحد لتعلقهما بنفس الطعن ؛

في شأن الدفع بعدم قبول الطعن :

حيث إن المطعون في انتخابه السيد محمد الشعيبي يدفع بعدم قبول عريضة الطعن المقدمة في مواجهته من طرف السيد عبد الوهاب بنطالب ، وذلك لعدم تضمنها الإسم العائلي والاسم الشخصي للطاعن وصفته وعنوانه وكذا بيان عنوان المطعون في انتخابه المذكور و صفته ؛

وحيث إن المطعون في انتخابه السيد جمال الدين العكرود يدفع هو الآخر بعدم قبول عريضة الطعن المقدمة في مواجهته من طرف السيد بريك عبودي ، لعدم إرفاقها بوصل ترشيحه للعملية الانتخابية المطعون في نتائجها وعدم تضمينها بيان صفته واقتصاره في هذه العريضة على مجرد عموميات وأسباب مبهمة وغير محددة ومجردة من الإثبات ؛

لكن ، حيث إن هذه الدفوع مردودة ، من جهة ، لكون العريضة المقدمة من الطاعن السيد عبد الوهاب بنطالب تتضمن بيان اسمه العائلي واسمه الشخصي وصفته وعنوانه ، كما تتضمن بيان صفة المطعون في انتخابه السيد محمد الشعيبي باعتباره أحد المرشحين الفائزين، بالإضافة إلى ذكر عنوانه ، علما بأن المادة 31 أعلاه ، لا تلزم بيان عنوان المطعون في انتخابه ، ومن جهة أخرى ، إن القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب ، لا يلزم إرفاق عريضة الطعن بوصل الترشيح ، أما صفة الطاعن السيد بريك عبودي ، فإنها ثابتة من خلال الوثائق التي اطلع عليها المجلس الدستوري ، كما أن عريضة الطعن المشار إليها تضمنت ، خلافا لما جاء في الادعاء ، ذكر وقائع ووسائل معززة بالإشارة إلى مراجع لمسـاطر قضائية ؛

وحيث إنه ، تأسيسا على ما سلف بيانه ، تكون الدفوع الشكلية بعدم قبول الطعن غير مرتكزة على أساس صحيح ؛

في شأن المآخذ المتعلقة بالمناورات التدليسية واستعمال المال :

حيث إن هذه المآخذ تتلخص في دعوى أن المطعون في انتخابهما السيدين جمال الدين العكرود ومحمد الشعيبي لم يتورعا عن اللجوء إلى كل الوسائل غير المشروعة ، منها أساسا استعمال المناورات التدليسية وبذل المال للوصول إلى عضوية مجلس النواب ، خلافا لأحكام القانون التنظيمي رقم 97-31 المتعلق بمجلس النواب في المواد 56 و57 و58 منه ، ذلك :

ـ من جهة أولى ، أن المطعون في انتخابه السيد جمال الدين العكرود ، وهو وكيل لائحة الشـرف ، عمد خلال الحملة الانتخابية إلى تقديم وعود إلى سكان دوار بنعنو ، جماعة أولاد املول قيادة انزالت لعظم ، بحفر بئر لفائدتهم وهي الواقعة التي أكدها هؤلاء السكان في إطار بحث كلفت به الضابطة القضائية التابع لنفوذها الدوار المذكور ، كما أنه ظل قبل يوم الاقتراع يقدم الوعود للسكـان في مناطق مختلفة ، منها ما تعلق بتقديم تبرعات نقدية للناخبين  للتصويت عليه ، ومنها ما تعلق بشراء خيام ، كما أن المطعون في انتخابه شرع بالفعل في حفر بئر بدوار النواجي بجماعة وقيادة سيدي بوعثمان بتمويل منه وذلك إلى غاية تدخل قائد قيادة سيدي بوعثمان لإيقاف هذه العملية وحجز الآليات العائدة للمقاول والمستعملة لإنجازها وذلك بعد تلقيه شكايات من باقي المرشحين ، وقد حررت الضابطة القضائية بابن جرير بخصوص هذه الوقائع محاضر تمت إحالتها على وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية المشار إليها أعلاه ؛

ـ ومن جهة ثانية ، أن العمليات الانتخابية المجراة بكل من مكاتب التصويت التابعة للمكاتب المركزية ذات الأرقام 1 إلى 7 و12 إلى 24 ، قد شابها شراء الذمم من طرف المطعون في انتخابه خلال الحملة الانتخابية وحتى يوم الاقتراع حيث قام بتسخير عدة سماسرة لتوزيع المال على الناخبين بهذه المكاتب للتأثير فيهم ؛

ـ ومن جهة ثالثة ، أن المطعون في انتخابه السيد محمد الشعيبي وكيل لائحة الحركة الشعبية كان خلال الحملة الانتخابية موضوع متابعة من أجل ارتكابه جريمة إصدار شيك بدون رصيد وأنه لم يؤد مبلغ الشيكات المتابع من أجلها إلا في الساعة الخامسة زوالا من يوم الاقتراع لتقع متابعته في حالة سراح ، الأمر الذي جعله يقوم بالحملة الانتخابية وهو في وضعية غير قانونية ؛

وحيث إنه يبين من الوثائق التي استحضرها المجلس الدستوري من كل من المجلس الأعلى و محكمة الاستئناف بمراكش والمحكمة الابتدائية بابن جرير ومن التحقيق الذي استلزم في النازلة ، بقصد التأكد من طبيعة بعض وقائعها ، استنفاذ المساطر القانونية المتبعة في كل درجة من درجات التقاضي ، أن ما نعي من توزيع تبرعات لفائدة اللائحة التي يتصدرها المطعون في انتخابه السيد جمال الدين العكرود قد تم تأكيده من طرف المحكمة الابتدائية بابن جرير عندما أدانت المرشح الثالث في اللائحة المذكورة بتوزيع المال على الناخبين وحكمت عليه بثلاثة أشهر حبسا نافذا مع غرامة قدرها 25000 درهم وذلك بمقتضى حكمها الصادر بتـاريخ 22 أبريل 2003 في الملف الجنحي رقم 1660/02 ، وأن ما قُدم من مآخذ في موضوع الوعد بإنجاز بئر في دوار بنعنو من طرف المطعون في انتخابه المذكور قد اتخذ في شأنه قرار بالمتابعة في الملف الجنحي رقم 1458/02 ، يضاف إلى ذلك ، ثبوت ما أُشير إليه في الطعن من معاينة القائد رئيس ملحقة سيدي بوعثمان لأشغال حفر بئر في دوار النواجي وتوقيفها نظرا للعلاقة الموجودة بينها وبين العملية الانتخابية ؛  

وحيث إن هذه الوقائع وما استتبعته في النازلة من إدانة ومتابعات جنحية ، من شأنها أن تجرد انتخاب السيد جمال الدين العكرود من المصداقية المطلوبة ، الأمر الذي يتعين معه إلغاء انتخابه عضواً بمجلس النواب ؛

وحيث إنه فيما يتعلق بالمطعون في انتخابه السيد محمد الشعيبي ، فإن التحقيق المذكور ، وإن أبان صحة الادعاء من أنه توبع أمام المحكمة الابتدائية بابن جرير من أجل إصدار شيكات بدون رصيد ، إلا أن هذه الوقائع لم يكن من شأنها أن تجعله في وضعية غير قانونية بالنسبة للمشاركة في الانتخابات التي جرت بتاريخ 27 سبتمبر 2002 ، ما دامت لم تكن قبل إجراء هذه العملية الانتخابية ، موضوع حكم نهائي ،

لهذه الأسباب

يقضي :

أولا : بإلغاء انتخاب السيد جمال الدين العكرود عضواً بمجلس النواب مع إعادة الانتخاب المتعلق بالمقعد الذي كان يشغله ؛

ثانيا : برفض طلب كل من السيد بريك عبودي وعبد الوهاب بنطالب الرامي إلى إلغاء انتخاب السيدين محمد الشعيبي وعبد السلام الباكوري عضوين في مجلس النواب نتيجة للاقتراع الذي أجري في27 سبتمبر 2002 بدائرة "الرحامنة" (إقليم قلعة السراغنة) ؛

ثالثاً : يأمر بتبليغ نسخة من قراره هذا إلى السيد رئيس مجلس النواب وإلى الأطراف المعنية وبنشره  في الجريدة الرسمية .

وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط في يوم الأربعاء 29 ذي الحجة 1425 (9 فبراير 2005)

الإمضاءات

عبد العزيز بن جلون

محمد الودغيري              إدريس العلوي العبدلاوي       السعدية بلمير         عبد اللطيف المنوني  

عبد الرزاق الرويسي        إدريس لوزيري               محمد تقي الله ماء العينين    

عبد القادر القادري            عبد الأحد الدقاق                 هانيء الفاسي       صبح الله الغازي