المملكة المغربية الحمد لله وحده،
المحكمة الدستورية
ملف عدد: 25 /308
قرار رقـم: 25/ 260 م.د
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
المحكمة الدستورية،
بعد اطلاعها على القانون التنظيمي رقم 54.25 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، المحال إليها برسالة السيد رئيس الحكومة، المسجلة بالأمانة العامة لهذه المحكمة في 16 ديسمبر 2025، وذلك من أجل البت في مطابقته للدستور، عملا بأحكام الفقرة الثانية من الفصل 132 من الدستور، على وجه الاستعجال، طبقا للفقرة الرابعة منه، وهو ما استجابت له هذه المحكمة؛
وبعد الاطلاع على الملاحظات الكتابية التي أدلى بها السيد رئيس الحكومة وعضوان بمجلس المستشارين، المسجلة بالأمانة العامة لهذه المحكمة في 18 ديسمبر2025؛
وبعد اطلاعها على باقي الوثائق المدرجة بالملف؛
وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435 (13 أغسطس 2014)؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.166 بتاريخ 24 من ذي القعدة 1432 (22 أكتوبر 2011)، كما وقع تغييره وتتميمه؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛
أولاـ فيما يتعلق بالاختصاص:
حيث إن الفصل 132 من الدستور، ينص في فقرته الثانية على أن القوانين التنظيمية، قبل إصدار الأمر بتنفيذها، تحال إلى المحكمة الدستورية لتبت في مطابقتها للدستور، مما تكون معه هذه المحكمة مختصة بالبت في مطابقة القانون التنظيمي المحال إليها للدستور؛
ثانياـ فيما يتعلق بالإجراءات المتبعة لإقرار القانون التنظيمي:
حيث إنه، يبين من الاطلاع على الوثائق المدرجة بالملف، أن القانون التنظيمي رقم 54.25 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، المحال إلى هذه المحكمة، جرى التداول في مشروعه بالمجلس الوزاري المنعقد في 19 أكتوبر2025 طبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، وتم إيداعه بالأسبقية من لدن السيد رئيس الحكومة لدى مكتب مجلس النواب في 24 أكتوبر 2025، وأن هذا المجلس لم يشرع في التداول فيه إلا بعد مرور عشرة أيام من إيداعه لدى مكتبه، ووافق عليه بالأغلبية في جلسته العامة المنعقدة في فاتح ديسمبر2025، كما تداول في شأنه مجلس المستشارين، وصادق عليه بالأغلبية في جلسته العامة في 9 ديسمبر 2025، والكل وفقا لأحكام الفصلين 84 و85 من الدستور؛
ثالثا ـ فيما يتعلق بالموضوع:
حيث إن الدستور يسند في الفقرة الأخيرة من فصله السابع، إلى قانون تنظيمي بصفة خاصة، تحديد القواعد المتعلقة بتأسيس الأحزاب السياسية، وأنشطتها ومعايير تخويلها الدعم المالي للدولة، وكذا كيفيات مراقبة تمويلها؛
وحيث إن القانون التنظيمي رقم 54.25، المعروض على نظر هذه المحكمة، القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 29.11، المتعلق بالأحزاب السياسية، يتكون من ثلاث مواد:
ـ الأولى: تغير وتتمم أحكام المواد 6 و8 و10 (الفقرة الثانية) و11 و12 و13 (فقرة أخيرة مضافة) و23 و31 و32 و36 (الفقرة الثانية) و38 و40 و41 (فقرة ثانية مضافة) و42 (الفقرة الأولى) و43 (الفقرة الرابعة) و44 و45 و47 (فقرة ثانية مضافة) و49 و66 (الفقرة الثانية) من القانون التنظيمي المذكور؛
ـ الثانية: تعوض عبارة "المحكمة الإدارية بالرباط" الواردة في القانون التنظيمي الساري المفعول بعبارة "المحكمة الابتدائية الإدارية بالرباط"، وتضيف أنه: "يدخل منع الأطر والموظفين التابعين لوزارة الداخلية أو العاملين بها بمختلف هيئاتهم، الذين يتوفرون في تاريخ نشر هذا القانون التنظيمي على انتداب انتخابي في مجلس النواب أو مجلس المستشارين أو مجلس جماعة ترابية أو مجلس مقاطعة جماعية أو غرفة مهنية، من تأسيس حزب سياسي أو الانخراط فيه حيز التنفيذ، حسب الحالة وكل فيما يخصه، في تاريخ إجراء الانتخابات العامة المقبلة لمجلس النواب أو مجلس المستشارين أو مجالس الجماعات الترابية أو انتخابات أعضاء الغرف المهنية."؛
ـ الثالثة: تنص على أنه: "مع مراعاة الأحكام المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الثانية من هذا القانون التنظيمي، لا تطبق أحكام البند 3 من المادة 23 من القانون التنظيمي السالف الذكر رقم 29.11 على الأطر والموظفين المنخرطين في الأحزاب السياسية، التابعين لوزارة الداخلية أو العاملين بها بمختلف هيئاتهم، والذين يزاولون فعليا، إلا بعد ستة أشهر من دخول هذا القانون التنظيمي حيز التنفيذ"؛
وحيث إنه، يبين من فحص هذه التعديلات مادة مادة، أنها تكتسي صبغة قانون تنظيمي وفقا لأحكام الفصل السابع من الدستور، وأنها تقتضي بيان ما يلي:
في شأن المادة الأولى:
ـ فيما يخص المادتين 6 و10 (الفقرة الثانية):
حيث إن التعديلات المدخلة على هاتين المادتين، تتعلق بشروط ومحتويات ملف تأسيس الحزب السياسي، وتتلخص فيما يلي:
ـ الإيداع المباشر لملف تأسيس الحزب لدى السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية، مع وجوب إرفاقه بنسخة منه على دعامة إلكترونية، مقابل وصل مؤرخ ومختوم يسلم فور التأكد من توفره على الوثائق المطلوبة،
ـ التصريح بتأسيس الحزب في شكل ورقة فريدة، يحمل التوقيعات المصادق عليها لإثني عشر (12) عضوا مؤسسا بدل ثلاثة (3)، من بينهم أربع (4) نساء على الأقل، على أساس ممثل واحد عن كل جهة من جهات المملكة، يبين فيها مشروع تسمية الحزب ومقره المركزي بالمغرب ورمزه، مع اشتراط أن تكون تسمية الحزب ورمزه مميزين عن تسميات ورموز الأحزاب السياسية المؤسسة قانونا،
ـ الرفع من عدد الالتزامات المكتوبة، في شكل تصريحات فردية للأعضاء المؤسسين، من ثلاثمائة (300) إلى ألفين (2000) على الأقل، وأن يرفق كل تصريح فردي بنسخة من البطاقة الوطنية للتعريف سارية الصلاحية، وبشهادة التسجيل في اللوائح الانتخابية العامة بعد تاريخ آخر حصر لها بصفة نهائية، مسلمة من طرف السلطة الإدارية المحلية، وبنسخة من السجل العدلي مسلمة منذ أقل من ثلاثة (3) أشهر، وأن يكون الأعضاء موزعين حسب مقرات إقامتهم الفعلية على جميع جهات المملكة، شرط ألا يقل عددهم عن 5% في كل جهة من عدد الأعضاء المطلوب قانونا، وألا تقل نسبة كل من الشباب الذين لا تزيد أعمارهم على 35 سنة، والنساء عن خمس(5/1) الأعضاء المؤسسين،
ـ توجيه ملف التأسيس من طرف السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية المودع لديها، إلى المحكمة الابتدائية الإدارية بالرباط، داخل أجل سبعة أيام من تاريخ الإيداع، عوض 48 ساعة،
ـ الرفع من عدد الموقعين على التصريح بعقد المؤتمر التأسيسي للحزب من عضوين مؤسسين إلى كافة الأعضاء المشار إليهم في البند 1 من المادة السادسة؛
وحيث إن المادة السادسة بتحديدها لشروط جديدة بخصوص ملف تأسيس الحزب السياسي، تكون قد راعت، من جهة، أحكام الفقرة الثانية من الفصل السابع من الدستور التي تنص على أنه: "تؤسس الأحزاب وتمارس أنشطتها بحرية، في نطاق احترام الدستور والقانون." وحرصت، من جهة أخرى، على التدقيق في شكليات تأسيس الحزب السياسي، لضمان احترام الأحكام المستفادة من الفصل السابع من الدستور؛
وحيث إن ما اشترطته أحكام المادة العاشرة في صيغتها الجديدة، من وجوب توقيع كافة الأعضاء المؤسسين على التصريح المتعلق بتأسيس حزب سياسي، يندرج ضمن الضمانات القانونية الرامية إلى التأكد من الإرادة الحرة والصريحة لجميع المؤسسين، من أجل إضفاء الجدية والوضوح على مسطرة التـأسيس، وهو ما لا يحول دون ممارسة حق تأسيسها المكفول طبقا للفصل السابع من الدستور؛
وحيث إنه، بناء على ما سبق، تكون التعديلات المدخلة على المادتين 6 و10 (الفقرة الثانية) غير مخالفة للدستور؛
ـ فيما يخص المواد 11 و12 و13 (فقرة أخيرة مضافة):
حيث إن التعديلات المدخلة على المواد المذكورة تتلخص فيما يلي:
ـ اعتبار المؤتمر التأسيسي للحزب قانونيا، إذا حضره خمسة وسبعون في المائة (75%) على الأقل من عدد الأعضاء المؤسسين، المطلوب قانونا، واشتراط توزيعهم بحسب مقرات إقامتهم الفعلية، على جميع جهات المملكة، على ألا يقل عددهم في كل جهة عن خمسة في المائة (5%) من عدد هؤلاء الأعضاء، مع مراعاة النسبة المحددة لكل من الشباب والنساء في الخمس (1/5) من عدد الأعضاء المؤسسين،
ـ إيداع المسؤول الوطني للحزب المنتخب، ملف التأسيس لدى السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية، مقابل وصل مؤرخ ومختوم يسلم فورا بعد التأكد من تضمن الملف للوثائق المطلوبة والمبينة في المادة المعروضة؛
ـ نشر مستخرج من ملف المؤتمر التأسيسي للحزب بعد تأسيسه قانونا بالجريدة الرسمية، بمبادرة من السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية؛
وحيث إن تعديلات المواد المذكورة ترمي، من جهة أولى، إلى ضمان الحد الأدنى من الجدية في عملية تأسيس الأحزاب السياسية، التي يتعين عليها أن تكون قادرة بشريا على إنشاء هياكلها التنظيمية الوطنية والجهوية، وتهدف، من جهة ثانية، إلى ضمان تمثيلية جميع جهات المملكة و"توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية... السياسية للبلاد"، عملا بأحكام الفصل 33 من الدستور، ومن جهة ثالثة، إلى إرساء الشفافية في جميع مراحل تأسيس الأحزاب السياسية، إعمالا للمبادئ الدستورية الواردة في الفصلين الأول (الفقرة الثانية) والسابع (الفقرتان الأولى والسادسة) من الدستور، اللذين ينصان بالتتابع على أن النظام الدستوري للمملكة يقوم: "... على أساس فصل السلط، وتوازنها وتعاونها، والديمقراطية المواطنة والتشاركية، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة..."، وعلى أن الأحزاب السياسية تعمل على: "...المشاركة في ممارسة السلطة...بالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الدستورية..." وأنه: "يجب أن يكون تنظيم الأحزاب السياسية وتسييرها مطابقا للمبادئ الديمقراطية..."؛
وحيث إنه، بناء على ما سبق، ليس في التعديلات المدخلة على المواد 11 و12 و13 (فقرة أخيرة مضافة) ما يخالف الدستور؛
ـ فيما يخص المادة 23:
حيث إن هذه المادة طرأ عليها تعديل هم تتميم البند الثالث منها، الذي أصبح ينص على منع الأطر والموظفين التابعين لوزارة الداخلية أو العاملين بها بمختلف هيئاتهم المزاولين فعليا إلى جانب فئات أخرى منصوص عليها في المادة المعروضة، من تأسيس الأحزاب السياسية أو الانخراط فيها؛
وحيث إن التعديل المذكور يكون قد راعى غاية دستورية، منصوص عليها في أحكام الفقرة الثانية من الفصل 11 من الدستور، التي تنص على أن: "السلطات العمومية ملزمة بالحياد التام إزاء المترشحين، وبعدم التمييز بينهم"؛
وحيث إنه، بناء على ما سبق، ليس في البند الثالث من المادة 23 ما يخالف الدستور؛
ـ فيما يخص المادة 31:
حيث إن التعديلات المدخلة على هذه المادة، المرتبطة بالموارد المالية للحزب السياسي تتلخص في:
ـ الرفع من المبلغ أو القيمة الإجمالية للهبات والوصايا والتبرعات النقدية أو العينية، التي يمكن أن يتلقاها الحزب من 600.000 إلى 800.000 درهم في السنة بالنسبة لكل متبرع ذاتي،
ـ إضافة مبالغ القروض التي تلقاها الحزب بمقتضى اتفاقيات مكتوبة تحدد موضوعها وكيفيات وأجل سدادها، إلى موارده المالية،
ـ جواز تأسيس الحزب لشركة يكون رأسمالها مملوكا كليا له، من أجل استثمارها في أنشطته والحصول على عائدات مالية منها، شريطة اقتصار هذه الأنشطة على المجالات المبينة في المادة المعروضة، مع وجوب إيداع تصريح بتأسيسها وبكل تغيير يطرأ عليها لدى السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية، داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ التأسيس أو التغيير طبقا للقانون،
ـ وجوب إدماج نتائج حسابات كل شركة يؤسسها الحزب ضمن حسابه السنوي،
ـ إقرار جزاء الحل بحكم قضائي، عن مخالفة الأحكام المذكورة أعلاه،
ـ جواز إحداث الحزب لمؤسسة مملوكة كليا له، تهتم بالتفكير والتكوين وإنجاز الأبحاث والدراسات في مختلف القضايا السياسية؛
وحيث إن هذه التعديلات ترمي إلى تمكين الأحزاب السياسية من موارد مالية إضافية إلى الدعم الذي تقدمه الدولة لها، تكون في شكل تمويل ذاتي أو قروض أو عائداتها من تأسيس شركة أو إحداث مؤسسة تهتم بما سبق بيانه أعلاه، كل ذلك من أجل القيام بوظائفها الدستورية، عملا بقواعد الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة وللمبادئ الديمقراطية في تسييرها وتنظيم عملها، طبقا لأحكام الفصلين الأول والسابع من الدستور؛
وحيث إنه، بناء على ذلك، فليس في المادة المذكورة ما يخالف الدستور؛
ـ فيما يخص المادة 32:
حيث إن التعديلات المدخلة على هذه المادة، فضلا عن إضافة شروط للاستفادة من الدعم السنوي للمساهمة في تغطية مصاريف تدبير الحزب السياسي، تتلخص في:
ـ تخفيض سن المترشحين الشباب من 40 سنة إلى 35، المرتبين في المرتبة الأولى في لوائح الترشيح المحلية،
ـ تخفيض سن الترشح بالنسبة للمترشحة التي كان يشترط ألا يزيد عمرها عن 40 سنة إلى 35 سنة في تاريخ الاقتراع، مرتبة في المرتبة الأولى في لوائح الترشيح الجهوية،
ـ صرف مبلغ يعادل ست مرات المبلغ الراجع لكل مقعد، عملا بالقاعدة المقررة في البند "ج" من المادة المعروضة، لكل فائز على صعيد دائرة محلية بتزكية من الحزب، مترشحة كانت أو مترشح لا يزيد عمره على 35 سنة، أو مترشحة أو مترشح مقيم خارج تراب المملكة، أو مترشحة أو مترشح في وضعية إعاقة، أو مترشحة أخرى غير منتسبة لإحدى الفئات المذكورة،
ـ استفادة الأحزاب السياسية المشار إليها في الفقرة الأولى من المادة 32 المعروضة، والتي تعذر عليها استيفاء أحد الشروط المنصوص عليها في 1 و2 من الفقرة الثانية من نفس المادة، من دعم سنوي للمساهمة في تغطية مصاريف تدبيرها، يعادل نصف مبلغ الحصة السنوية الجزافية، الموزعة عملا بالبند "أ" من الفقرة الثالثة من المادة المذكورة،
ـ تمكين كل حزب سياسي تعذر عليه عقد مؤتمره الوطني العادي خلال أربع (4) سنوات، من مساهمة الدولة في تغطية مصاريف هذا المؤتمر، شريطة أن يتم عقده على الأكثر خلال الستة (6) أشهر الموالية لتاريخ حلول أجل 4 سنوات المقررة قانونا، مع تعليل الأسباب التي حالت دون تقيده بالأجل القانوني،
ـ إمكانية استفادة الأحزاب السياسية من مساهمة الدولة، في تغطية مصاريف تنظيم مؤتمراتها الاستثنائية، المنعقدة بدعوة من الأجهزة المؤهلة، طبقا لأنظمتها الأساسية، إذا أسفر هذا المؤتمر عن انتخاب مسؤول وطني جديد للحزب،
ـ تحديد مبلغ مساهمة الدولة في تغطية مصاريف تنظيم المؤتمر الوطني العادي أو الاستثنائي، في نسبة خمسين في المائة (50%) من مبلغ الدعم السنوي المشار إليه في الفقرة الأولى من هذه المادة، الراجع للحزب السياسي برسم السنة المقررة لعقد المؤتمر المعني،
ـ عدم الاعتداد في احتساب أجل أربع سنوات المقرر لعقد المؤتمر الوطني العادي بتاريخ عقد مؤتمر استثنائي، إلا إذا أسفر هذا الأخير عن انتخاب مسؤول وطني جديد للحزب؛
وحيث إنه، بالرجوع إلى الدستور، فإنه ينص في:
ـ الفقرة الثانية من الفصل السادس على أنه: "تعمل السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين، والمساواة بينهم، ومن مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية"،
ـ الفصل 17 على أنه: "يتمتع المغاربة المقيمون في الخارج بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح في الانتخابات"،
ـ الفقرة الثانية من الفصل 19، على أنه: "تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء"،
ـ الفصل 30 على أنه: "لكل مواطنة ومواطن الحق في التصويت...وينص القانون على مقتضيات من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية"،
ـ الفصل 33 على أنه: "على السلطات العمومية اتخاذ التدابير الملائمة لتحقيق ...توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد..."،
ـ الفصل 34 على أنه: "تقوم السلطات العمومية بوضع وتفعيل سياسات موجهة إلى الأشخاص والفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة ..."؛
وحيث إن الدعم الممنوح للأحزاب السياسية، من طرف الدولة، لتشجيعها على إشراك الشباب والنساء الذين لا يزيد عمرهم عن 35 سنة في الترشح للانتخابات، والعمل على مساهمة المواطنات والمواطنين المقيمين خارج تراب المملكة وذوي الاحتياجات الخاصة في الحياة السياسية، إنما يهدف إلى تحقيق الغايات الدستورية المضمنة في الفصل 19 من الدستور، الذي يؤكد على سعي الدولة لتحقيق مبدأ المناصفة، وفي فصله 17 الذي يضمن فعلية ممارسة المغاربة المقيمين بالخارج لحقهم في التصويت والترشيح للانتخابات، وفي أحكام فصله 34، الذي تفعل بمقتضاها السلطات العمومية سياسات موجهة إلى الأشخاص والفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة؛
وحيث إن وضع نظام جديد لتمكين الأحزاب السياسية من الاستفادة من التمويل، الممنوح لها من طرف الدولة، رغم عدم استيفائها للدعم المشروط وفق ما هو مبين أعلاه، وتمكينها من هذا التمويل لتغطية تدبيرها السنوي في شكل حصة جزافية، وعقد مؤتمراتها العادية والاستثنائية وفق شروط معينة، يندرج ضمن المهام الموكولة لهذه الأحزاب عملا بأحكام الفصل السابع من الدستور؛
وحيث إنه، استنادا إلى ما سبق، ليس في المادة 32 المعدلة، ما يخالف الدستور؛
ـ فيما يخص المواد 38 و40 و41 (فقرة ثانية مضافة):
وحيث إن التعديلات المدخلة على هذه المواد على التوالي تتلخص فيما يلي:
ـ منع الحزب السياسي من تلقي الدعم المالي من أشخاص القانون الخاص،
ـ إضافة طريقة التحويل البنكي من أجل تسديد مبلغ مالي أو إنجاز نفقة لفائدة حزب سياسي، يساويان مبلغ عشرة آلاف درهم أو تفوق هذا المبلغ، إلى جانب الشيك البنكي أو البريدي،
ـ إسناد إلى نص تنظيمي تحديد: "أصناف النفقات التي يمكن تمويلها بواسطة الدعم السنوي للمساهمة في تغطية مصاريف التدبير والدعم السنوي الإضافي المخصص لتغطية المصاريف المترتبة على المهام والدراسات والأبحاث ومساهمة الدولة في تغطية مصاريف تنظيم المؤتمر الوطني العادي أو المؤتمر الاستثنائي المخصص لانتخاب مسؤول وطني جديد للحزب."؛
وحيث إنه، من جهة أولى، فإن منع الحزب السياسي من تلقي الدعم المالي من أشخاص القانون الخاص، الغاية منه تجنب إضعاف استقلالية القرار الحزبي ومنع مراكز النفوذ المالي من التحكم في الحياة السياسية، وكذا تقليص الفوارق المالية بين الأحزاب السياسية ضمانا لتكافؤ الفرص بينها، مادامت الدولة طبقا للأحكام القانونية ذات الصلة، تمنح الدعم المالي للأحزاب وفق معايير عادلة، وهذا الدعم يجب أن يكون عموميا وشفافا، وطريقة صرفه تبقى خاضعة لرقابة المجلس الأعلى للحسابات؛
وحيث إنه، من جهة ثانية، فإن الغاية من إضافة طريقة التحويل البنكي لتسديد مبلغ مالي أو إنجاز نفقة لفائدة حزب سياسي، تكمن في ضبط أوجه صرف مالية الحزب وإضفاء مزيد من الشفافية عليها عملا بأحكام الفصل الأول من الدستور؛
وحيث إنه، من جهة ثالثة، فإن ما أسندته الفقرة الثانية المضافة من المادة 41 لنص تنظيمي، تحديد أصناف النفقات التي يمكن تمويلها بواسطة الدعم السنوي، بمحتواها المتعلق بتنفيذ وتفصيل هذه المادة، يندرج ضمن المجال التنظيمي؛
وحيث إنه، استنادا على ما سبق، ليس في المواد المذكورة ما يخالف الدستور؛
ـ فيما يخص المادة 43 (الفقرة الرابعة):
حيث إن المادة 43 بنصها في فقرتها الرابعة على أنه: "يجب على كل حزب سياسي أن يرجع إلى الخزينة كل مبلغ من الدعم العمومي ثبت استعماله لغير الغايات التي منح من أجلها، أو لم يثبت صرفه بالوثائق والمستندات المطلوبة وفقا للنصوص التنظيمية المتعلقة بمحاسبة الأحزاب السياسية"، تكون قد التزمت بمبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة وحماية المال العام، عملا بأحكام الفصلين الأول و147 من الدستور، مما تكون معه أحكام الفقرة الرابعة من المادة المعروضة، ليس فيها ما يخالف الدستور؛
ـ فيما يخص المادتين 44 و45:
حيث إن التعديلات المدخلة على المادتين المذكورتين تتلخص في:
ـ دعم إثبات تحصيل موارد الأحزاب السياسية بكل الوثائق والمستندات المثبتة،
ـ توجيه الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات أو من يفوضه لهذه الغاية إلى المسؤول الوطني عن الحزب المعني إعذارا، في حالة تخلفه عن تقديم حسابه السنوي أو عدم استجابته للملاحظات المسجلة من طرف هذا المجلس، في الحالات المبينة في المادة 44 المعروضة،
ـ وجوب إدلاء الحزب بحسابه السنوي أو تسوية وضعيته، داخل أجل خمسة وأربعين يوما من تاريخ التوصل بالإعذار أو بالملاحظات المذكورة،
ـ إحالة الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات على السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية أمر تخلف الحزب عن الإدلاء بحسابه السنوي لمدة ثلاث سنوات متتالية، ويجوز لهذه الأخيرة تقديم طلب حل الحزب المعني إلى المحكمة الابتدائية الإدارية بالرباط لتبت فيه داخل أجل ثلاثين يوما،
ـ تضمين حساب الحملة الانتخابية لكل حزب سياسي لبيان مفصل لمصادر تمويل الحملة وجرد مفصل للنفقات،
ـ توجيه الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات أو من يفوضه لهذه الغاية، إلى المسؤول الوطني عن الحزب المعني إعذارا في حالة تخلفه عن تقديم حساب الحملة الانتخابية داخل الأجل المقرر أو عدم استجابته للملاحظات المسجلة من طرف المجلس المذكور في الحالات المبينة في المادة 45،
ـ وجوب إدلاء الحزب بحساب الحملة الانتخابية أو تسوية وضعيته، داخل أجل خمسة وأربعين (45) يوما من تاريخ التوصل بالإعذار أو بالملاحظات المذكورة؛
وحيث إن أحكام الفصلين الأول و147 من الدستور، تنص على التوالي أنه: "يقوم النظام الدستوري للمملكة على ...مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة."، وعلى أنه: "...تناط بالمجلس الأعلى للحسابات مهمة ...تدقيق حسابات الأحزاب السياسية، وفحص النفقات المتعلقة بالعمليات الانتخابية"؛
وحيث إنه، يبين من أحكام المادتين المعروضتين، أنها ربطت تقديم الحساب السنوي للحزب وحساب الحملة الانتخابية بآجال محددة، وأحدثت مسطرة للإعذار، وأعادت للحزب المعني، حقه في الاستفادة من التمويل العمومي ابتداء من التاريخ الذي يثبت فيه لدى الجهة المكلفة بمراقبة صرف التمويل العمومي، تسوية وضعيته تجاه الخزينة، وخولت للرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات إحالة أمر تخلف الحزب عن تقديم حسابه السنوي لمدة ثلاث (3) سنوات متتالية على السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية، التي يجوز لها تقديم طلب حل الحزب المعني أمام المحكمة الابتدائية الإدارية بالرباط للبت في الأمر؛
وحيث إنه، تبعا لما سبق، فإن التعديلات المدخلة على المادتين 44 و45 ليس فيها ما يخالف الدستور؛
ـ فيما يخص المادة 49:
حيث إن المادة المذكورة في صيغتها المعدلة، تنص على أنه: "مع مراعاة أحكام الفقرتين الثامنة والحادية عشرة من المادة 32 من هذا القانون التنظيمي، يتعين على كل حزب سياسي أن يعقد مؤتمره الوطني العادي على الأقل مرة كل أربع سنوات، وفي حالة عدم عقده خلال المدة المطلوبة يفقد حقه في الاستفادة...وضعيته"؛
وحيث إن احتساب الآجال المقررة لعقد المؤتمر الوطني العادي للحزب، قصد الاستفادة من الدعم، يهدف إلى التقيد بالمبادئ الدستورية المتعلقة بالشفافية والحكامة الجيدة كما يتبين من أحكام الدستور في تصديره وفصوله ذات الصلة، مع الأخذ بالاعتبار الاستثناءات الواردة في الفقرتين الثامنة والحادية عشرة من المادة 32 المذكورة؛
وحيث إنه، بناء على ما سبق، تكون أحكام المادة 49 المعدلة غير مخالفة للدستور؛
ـ فيما يخص المادة 66 (الفقرة الثانية):
حيث إن التعديل المدخل على هذه المادة في فقرتها الثانية، استلزمه إيجاد ملاءمة مع التغيير الذي حدث على مبلغ القيمة الإجمالية، الذي يجب ألا تتعداه الهبات والوصايا والتبرعات النقدية أو العينية، في السنة، بالنسبة لكل متبرع ذاتي، والمحددة في 800.000 درهم، كما هو منصوص عليه في المادة 31 من هذا القانون التنظيمي، مما تكون معه أحكام المادة 66 (الفقرة الثانية) ليس فيها ما يخالف الدستور؛
ـ في شأن المادتين الثانية (الفقرة الأخيرة) والثالثة:
حيث إن المادة الثانية في فقرتها الأخيرة تنص على أنه: "يدخل منع الأطر والموظفين التابعين لوزارة الداخلية أو العاملين بها بمختلف هيئاتهم، الذين يتوفرون في تاريخ نشر هذا القانون التنظيمي على انتداب انتخابي في مجلس النواب أو مجلس المستشارين أو مجلس جماعة ترابية أو مجلس مقاطعة جماعية أو غرفة مهنية، من تأسيس حزب سياسي أو الانخراط فيه حيز التنفيذ، حسب الحالة وكل فيما يخصه، في تاريخ إجراء الانتخابات العامة المقبلة لمجلس النواب أو مجلس المستشارين أو مجالس الجماعات الترابية أو انتخابات أعضاء الغرف المهنية. "؛
وحيث إن المادة الثالثة تنص على أنه: "مع مراعاة الأحكام المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الثانية من هذا القانون التنظيمي، لا تطبق أحكام البند 3 من المادة 23 من القانون التنظيمي السالف الذكر رقم 29.11 على الأطر والموظفين المنخرطين في الأحزاب السياسية، التابعين لوزارة الداخلية أو العاملين بها بمختلف هيئاتهم، والذين يزاولون فعليا، إلا بعد ستة أشهر من دخول هذا القانون التنظيمي حيز التنفيذ."؛
وحيث إنه، يحق للمشرع، استثناء من قاعدة الأثر الفوري للقانون، المنصوص عليها في الفصل السادس من الدستور، أن يرجئ تنفيذ أحكام تشريعية إلى تاريخ لاحق، مراعاة منه لتيسير الانتقال من نظام قانوني إلى نظام جديد، ومنح الملزمين به مهلة زمنية للتلاؤم مع مقتضياته، مما تكون معه المادة الثانية (الفقرة الأخيرة) والمادة الثالثة، غير مخالفتين للدستور؛
وحيث إن باقي أحكام مواد القانون التنظيمي المعروض، ليس فيها ما يخالف الدستور؛
لهذه الأسباب:
أولا- تصرح بأن القانون التنظيمي رقم 54.25 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، ليس فيه ما يخالف الدستور؛
ثانيا- تأمر بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى السيد رئيس الحكومة، وبنشره في الجريدة الرسمية.
وصدر بمقر المحكمة الدستورية بالرباط في يوم الأربعاء 3 من رجب 1447
(24 ديسمبر 2025)
الإمضــاءات
محمد أمين بنعبد الله
عبد الأحد الدقاق محمد بن عبد الصادق محمد الأنصاري
لطيفة الخال الحسين اعبوشي محمد علمي خالد برجاوي
أمينة المسعودي نجيب أبا محمد محمد قصري محمد ليديدي