قرارات المحكمة الدستورية


قرار رقم : 258/25
تاريخ صدور القرار : 2025/09/11

المملكة المغربية                                    الحمد لله وحده، 
المحكمة الدستورية

 ملف عدد: 305/25   
  قرار رقـم: 258/25 م.إ

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون

 المحكمة الدستورية،
بعد اطلاعها على العريضة المسجلة بأمانتها العامة في 14 يوليو 2025، التي قدمها السيد والي جهة بني ملال ـ خنيفرة، عامل إقليم بني ملال، بصفته هاته، طالبا فيها التصريح ببطلان الانتخاب الجزئي الذي جرى بتاريخ فاتح يوليو 2025، لملء مقعد شاغر بمجلس المستشارين، برسم الهيئة الناخبة لممثلي الغرف الفلاحية بالدائرة الانتخابية لجهات الرباط ـ سلا ـ القنيطرة وبني ملال ـ خنيفرة والدار البيضاء ـ سطات، والذي أعلن على إثره انتخاب السيد الطاهر الفلالي عضوا بمجلس المستشارين؛ 
وبعد اطلاعها على المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف المطعون ضده، والمسجلة بنفس الأمانة العامة في 6 أغسطس 2025؛

وبعد اطلاعها على المستندات المدلى بها، وعلى باقي الوثائق المدرجة في الملف وكذا المستحضرة من طرف هذه المحكمة؛

وبناء علـى الدستور، الصـادر بتنفيذه الظهير الشـريف رقـم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435 (13 أغسطس 2014)؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 28.11 المتعلق بمجلس المستشارين، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.172 بتاريخ 24 من ذي الحجة 1432 (21 نوفمبر 2011)، كما تم تغييره وتتميمه؛

وبناء على القانون رقم 57.11 المتعلق باللوائح الانتخابية العامة وعمليات الاستفتاء واستعمال وسائل الاتصال السمعي البصري العمومية خلال الحملات الانتخابية والاستفتائية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.171 بتاريخ 30 من ذي القعدة 1432 (28 أكتوبر 2011)، كما تم تغييره وتتميمه؛
وبناء على القانون رقم 9.97 المتعلق بمدونة الانتخابات، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.97.83 بتاريخ 23 من ذي القعدة 1417 (2 أبريل 1997)، كما وقع تغييره وتتميمه؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛


في شأن المأخذ الفريد المتعلق بأهلية الترشح للانتخاب:

حيث إن هذا المأخذ يتلخص في دعوى أن المطعون في انتخابه لم يدل، ضمن ملف ترشيحه للانتخاب الجزئي المذكور، بشهادة القيد في اللائحة الانتخابية العامة  بعد تاريخ آخر حصر لها بصفة نهائية مسلمة من طرف السلطة الإدارية المحلية المختصة، وفق ما تتطلبه المادة 24 من القانون  التنظيمي رقم 28.11 سالف الذكر، باعتبار أنه لم يعد مقيدا باللائحة الانتخابية لمقاطعة "بطانة" جماعة سلا، بعد أن صدر في حقه مقرر إداري  تحت رقم 95 بتاريخ 9 يناير 2025 من طرف اللجنة الإدارية المساعدة المكلفة بمراجعة اللوائح الانتخابية العامة، يقضي بالتشطيب عليه من اللائحة الانتخابية المذكورة، لكونه لم يعد يقيم بصفة فعلية ومستمرة داخل النفوذ الترابي لهذه الجماعة، ولم يعمل على نقل قيده للائحة الجماعة التي أصبح يقيم بها بكيفية فعلية ومتصلة، وقد تعذر تبليغه بمقرر التشطيب بالعنوان المضمن باللائحة الانتخابية العامة، لكونه لا يقطن بالعنوان المذكور، ولذلك أصدرت السلطة الإدارية المختصة مقررا يقضي برفض ترشيحه، كان محل طعن من لدن المطعون في انتخابه أمام المحكمة الابتدائية ببني ملال، التي قضت بإلغائه وصرحت بقبول ترشيحه، بموجب حكمها الصادر تحت رقم 1 بتاريخ 25 يونيو2025 في الملف رقم 2025/1211/1، بعلة أن تقييده باللائحة الانتخابية للغرف المهنية، صنف الفلاحة بالدائرة الانتخابية سيدي علال البحراوي بعد تاريخ آخر حصر لها بصفة نهائية يجعل شرط تقييده باللائحة الانتخابية العامة قد تحقق، وأن هذا التعليل مخالف للمادة 24 من القانون التنظيمي رقم 28.11 سالف الذكر التي أوجبت الإدلاء بشهادة القيد في اللائحة الانتخابية العامة والتي لا يمكن لشهادة القيد في اللوائح الانتخابية المهنية أن تقوم مقامها، مما يكون معه المطعون في انتخابه غير متوفر على صفة ناخب وقت تقديم ترشيحه للانتخاب المذكور، وبالتالي غير مؤهل للترشح لهذا الانتخاب مما يجعله باطلا؛

وحيث إن الدستور ينص في الفقرة الأولى من فصله 30 على أنه " لكل مواطنة ومواطن الحق... في الترشح للانتخابات..."؛

وحيث إن القانون التنظيمي رقم 28.11 المتعلق بمجلس المستشارين ينص في الفقرة الأولى من المادة الرابعة منه: "الناخبون والناخبات هم الأعضاء المتألفة منهم الهيئات الناخبة...المقيدون في اللوائح الانتخابية العامة"، وينص في مادته 24، الفقرة الثالثة، على أنه: "يجب أن تكون لوائح الترشيح أو الترشيحات الفردية مرفقة بما يلي:
"ـ...
ـ...
ـ شهادة القيد في اللوائح الانتخابية العامة بعد تاريخ آخر حصر لها بصفة نهائية، مسلمة من طرف السلطة الإدارية المحلية المختصة..."؛
وحيث إن نفس القانون ينص في مادته 26، الفقرة الثانية، على أنه: "لا تقبل الترشيحات ولوائح الترشيح المودعة خلافا لأحكام المادتين 24 و25 أعلاه"، وفي الفقرة الخامسة منها على أنه: "لا يقبل كذلك ترشيح أي شخص غير مؤهل للانتخاب عملا بأحكام هذا القانون التنظيمي."
كما ينص في الفقرة الأخيرة من مادته 88 على أنه: "لا يمكن الطعن في حكم المحكمة الابتدائية أو المنازعة في قرار قبول الترشيح إلا أمام المحكمة الدستورية بمناسبة الطعن في نتيجة الانتخاب"؛

وحيث إن القانون رقم 57.11 سالف الذكر، ينص في المادة الثانية منه على أن: "القيد في اللوائح الانتخابية العامة إجباري" وفي الفقرة الأخيرة من مادته الثالثة على أنه: " تعتمد البطاقة الوطنية للتعريف أساسا في القيد في اللوائح الانتخابية العامة" وفي المادة الرابعة منه في فقرتها الثانية على أنه: "يتم القيد في لائحة الدائرة الانتخابية الواقع في دائرة نفوذها  المحل الذي يقيم فيه  كل معني بالأمر بكيفية فعلية ومتصلة"، وفي الفقرة الأخيرة من المادة 21 منه على أنه: "يجب على كل ناخب غير مكان إقامته داخل النفوذ الترابي لنفس الجماعة أو المقاطعة أن يخبر اللجنة الإدارية المعنية بعنوان إقامته الجديد تحت طائلة الشطب التلقائي من لائحة الناخبين"، وفي الفقرة الأولى من المادة 23 منه على أن: "تقبل اللجنة الطلبات ...وتشطب من اللائحة الانتخابية أسماء الأشخاص...الذين انتفت علاقتهم بالجماعة أو المقاطعة بفعل تغيير محل إقامتهم الفعلية إلى جماعة أو مقاطعة أخرى... " وفي فقرتها السادسة على أن: "كل قرار صادر برفض طلب قيد أو طلب نقل قيد أو بشطب تلقائي باستثناء التشطيبات المتعلقة بالوفيات يجب أن يكون معللا، ويبلغه رئيس اللجنة الإدارية كتابة بكل وسيلة من وسائل التبليغ القانونية إلى الشخص المعني بالأمر في العنوان المضمن في اللائحة الانتخابية وذلك في ظرف الثلاثة أيام الموالية لتاريخ القرار."؛

وحيث إن المطعون في انتخابه، توصل بعريضة الطعن المتضمنة للمأخذ المثار ضده واطلع على مرفقاتها، وأدلى بمذكرة جوابية بسط فيها أوجه دفاعه حولها، إلا أنه لم يدل بما يفيد قيده في اللوائح الانتخابية العامة عند تقديم ترشيحه للانتخاب المطعون في صحته؛

وحيث إنه، يستفاد من الأحكام والمقتضيات المذكورة في ترابطها وتماسكها وعلاقتها بموضوع النزاع، أن المشرع اشترط لقبول الترشح للانتخاب، أن يكون المعني بالأمر يتوفر على صفة ناخب، وهي الصفة التي تستمد من التسجيل في اللوائح الانتخابية للدائرة الانتخابية المعنية، بالاستناد إلى البطاقة الوطنية للتعريف، التي تتضمن المحل الذي يقيم فيه المعني بالأمر بكيفية فعلية ومتصلة؛

وحيث إنه، بالرجوع إلى وثائق الملف ومستنداته، ولا سيما البطاقة الوطنية للتعريف للمطعون في انتخابه المدلى بها ضمن ملف ترشيحه للانتخاب الجزئي المذكور، يتضح أنها تتضمن عنوانه بآيت عيسى ملوك آيت مالك تيفلت، وهي السكنى التي تقع خارج النفود الترابي لمقاطعة "بطانة" جماعة سلا، التي كان مقيدا بلائحتها الانتخابية، على خلاف العنوان المضمن ببطاقته الوطنية للتعريف المنجزة بتاريخ 4 أغسطس 2025 وهو تاريخ لاحق على تقديم ترشيحه للانتخاب المذكور، وأنه لم يعمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة لنقل قيده إلى لائحة الجماعة التي أصبح يقيم بها بكيفية فعلية، وإعلام اللجنة الإدارية المعنية بذلك، مما حدا بهذه اللجنة  بمناسبة المراجعة السنوية للوائح الانتخابية لمقاطعة بطانة أن تتخذ قرارا بالشطب على إسمه من اللائحة الانتخابية العامة تحت رقم 95  بتاريخ 9 يناير 2025 الذي تعذر تبليغه للمعني بالأمر بالعنوان المضمن باللائحة الانتخابية وفق ما تتطلبه المادة 23 من القانون رقم 57.11 سالف الذكر، وهو القرار الذي أصبح نافذا ومرتبا لآثاره القانونية والذي تحصن بعد أن صدر بشأنه  حكم انتهائي عن المحكمة الإدارية الابتدائية بالرباط تحت عدد 22 بتاريخ 26 أغسطس 2025 في الملف رقم 25/7107/22 يقضي برفض طلب إلغائه؛

وحيث إنه، تبعا لذلك، يكون المطعون في انتخابه غير مسجل باللائحة الانتخابية لمقاطعة بطانة عند تاريخ تقديم ترشيحه للانتخاب بتاريخ 23 يونيو2025، ولم يدل ضمن ملف ترشيحه للانتخاب المذكور بشهادة القيد في اللائحة الانتخابية العامة بعد تاريخ آخر حصر لها بصفة نهائية مسلمة من طرف السلطة الإدارية المحلية المختصة، مما يفقده صفة ناخب، وبالتالي يجعله غير مؤهل للترشح للانتخاب المطعون في صحته؛

وحيث إنه، يعود للمحكمة الدستورية، وهي تبت في الطعن في نتيجة الانتخاب المؤسس على المنازعة في الحكم القاضي بقبول الترشيح المشار إليه أعلاه، أن تتحقق من صحة الانتخاب من خلال مراقبة توفر الشروط القانونية للترشح، إعمالا للفقرة الأخيرة من المادة 88 من القانون التنظيمي رقم 28.11 المومأ إليه أعلاه، وذلك بصرف النظر عما قضى به الحكم الابتدائي المطعون فيه؛

وحيث إن ما قضى به الحكم رقم 1 الصادر في الملف رقم 2025/1211/1 من إلغاء قرار رفض ترشيح المطعون في انتخابه والتصريح بقبول ترشيحه، بعلة أن الإدلاء بشهادة القيد في اللوائح الانتخابية للغرف المهنية صنف الفلاحة بعد تاريخ آخر حصر لها بصفة نهائية من طرف السلطة الإدارية  المحلية المختصة، يجعل شرط القيد في اللوائح الانتخابية العامة قد تحقق في طلب ترشح المطعون ضده، يكون قد خالف أحكام المادة 24 من القانون التنظيمي  المتعلق بمجلس المستشارين التي تلزم الإدلاء بشهادة القيد في اللائحة الانتخابية العامة، باعتبارها الوثيقة الوحيدة لإثبات صفة الناخب التي تؤهله للترشح للانتخاب، ولا يمكن الاستعاضة عنها بوثيقة أخرى غير منصوص عليها قانونا، لاسيما أن القيد في اللوائح الانتخابية المهنية يخضع في وضعه ومراجعته لمقتضيات القانون رقم 9.97 المتعلق بمدونة الانتخابات خلافا للقيد في اللوائح الانتخابية العامة الذي يخضع للقانون 57.11 أعلاه، مما يكون معه الحكم الابتدائي المذكور، فيما قضى به، قد طبق المادة آنفة الذكر تطبيقا غير مصادف للصواب، ولذلك يبقى غير جدير بالاعتبار؛

وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق بيانه، يكون المطعون في انتخابه فاقدا لأهلية الترشح للانتخاب الجزئي المذكور، ويتعين معه التصريح بإلغاء انتخابه؛

في شأن البحث المطلوب:

حيث إنه، بناء على ما سبق بيانه، لا داعي لإجراء البحث المطلوب؛ 


لهذه الأسباب:

أولا- تقضي بإلغاء انتخاب السيد الطاهر الفلالي عضوا بمجلس المستشارين على إثر الانتخاب الجزئي الذي جرى بتاريخ فاتح يوليو 2025 لملء مقعد شاغر بمجلس المستشارين برسم الهيئة الناخبة لممثلي الغرف الفلاحية بالدائرة الانتخابية لجهات الرباط ـ سلا ـ القنيطرة وبني ملال ـ خنيفرة والدار البيضاء ـ سطات، وتأمر، تبعا لذلك، بإجراء انتخابات جزئية في هذه الدائرة بخصوص المقعد الشاغر عملا بمقتضيات المادة 92 من القانون التنظيمي 28.11 المتعلق بمجلس المستشارين؛ 

ثانيا- تأمر بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى السيد رئيس مجلس المستشارين، وإلى السلطة الإدارية التي تلقت الترشيحات بالدائرة الانتخابية المذكورة، وإلى الأطراف المعنية وبنشره في الجريدة الرسمية. 

وصدر بمقر المحكمة الدستورية بالرباط في يوم الخميس 18 من ربيع الأول1447 
(11 سبتمبر 2025)      

             
الإمضـاءات
محمد أمين بنعبد الله


عبد الأحد الدقاق                   محمد بن عبد الصادق                    محمد الأنصاري


لطيفة الخال             الحسين اعبوشي             محمد علمي                خالد برجاوي


أمينة المسعودي            نجيب أبا محمد             محمد قصري             محمد ليديدي