قرارات المحكمة الدستورية


قرار رقم : 256/25
تاريخ صدور القرار : 2025/08/04

المملكة المغربية                                 الحمد لله وحده،
المحكمة الدستورية  
                                                        

ملف عدد: 304/25
قـرار رقـم: 256/25م.د

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون


المحكمة الدستورية،
بعد اطلاعها على النظام الداخلي لمجلس النواب على إثر تعديله، المحال إليها رفقة كتاب السيد رئيس هذا المجلس والمسجل بأمانتها العامة في 9 يوليو 2025، عملا بأحكام الفصلين 69 (الفقرة الأولى) و132 (الفقرة الثانية) من الدستور، والمادة 22 (الفقرة الأولى) من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية، وذلك للبت في مطابقته للدستور؛   
وبعد اطلاعها على مذكرات الملاحظات الصادرة عن السادة رئيس الحكومة ورئيس مجلس المستشارين وأعضاء من مجلس النواب، المدلى بها عملا بأحكام المادة 25 من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية، والمسجلة بالأمانة العامة المذكورة في 18 يوليو 2025؛
وبعد اطلاعها على المستندات المدلى بها، وعلى باقي الوثائق المدرجة في الملف؛
وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435 (13 أغسطس 2014)؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.165 بتاريخ 16 من ذي القعدة 1432 (14أكتوبر2011)، كما وقع تغييره وتتميمه؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 065.13 المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.33 بتاريخ 28 من جمادى الأولى 1436 (19 مارس 2015)؛

وبناء على قرار المحكمة الدستورية رقم 24/243 م.د الصادر بتاريخ 7 أغسطس 2024، المتعلق بالنظام الداخلي لمجلس النواب؛

وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر، والمداولة طبق القانون؛

أولا: فيما يتعلق بالاختصاص:

حيث إن الفقرة الثانية من الفصل 132 من الدستور، توجب إحالة النظام الداخلي لمجلس النواب، قبل الشروع في تطبيقه، إلى المحكمة الدستورية للبت في مطابقته للدستور، الأمر الذي تكون معه هذه المحكمة مختصة بالبت في مطابقة هذا النظام للدستور؛

ثانيا: فيما يتعلق بالإجراءات المتبعة لإقرار النظام الداخلي المعَدَّل: 

حيث إنه، يبين من الاطلاع على الوثائق المدرجة في الملف، أن المواد المعَدَّلة من النظام الداخلي لمجلس النواب، وضعها هذا المجلس وأقرها بالتصويت في جلسته العامة المنعقدة في 8 يوليو 2025، وبعد ذلك، قام رئيس مجلس النواب بإحالة هذا النظام المعَدَّل إلى هذه المحكمة للبت في مطابقته للدستور، وذلك كله طبقا لأحكام الفصل 69 والفقرة الثانية من الفصل 132 من الدستور، ووفقا لأحكام الفقرة الأولى من المادة 22 من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية؛

ثالثا: فيما يتعلق بالموضوع:

حيث إن التعديلات المدخلة على النظام الداخلي لمجلس النواب المعروض على نظر هذه المحكمة، تتعلق بالمواد ذات الأرقام التالية: 30 و68 و75 و127 و137 و143 و163 و166 و187 و189 و202 و250 و254 و288 و289 و298 و391 و392 و393 و395 و400 منه؛

وحيث إن أحكام الفقرة الثانية من الفصل 69 من الدستور، تنص على أنه: "يتعين على المجلسين، في وضعهما لنظاميهما الداخليين، مراعاة تناسقهما وتكاملهما، ضمانا لنجاعة العمل البرلماني."؛

وحيث إن المحكمة الدستورية، تحققت من احترام قاعدة "التناسق والتكامل" بين مجلسي البرلمان عند وضع هذه التعديلات على بعض مواد النظام الداخلي من خلال اطلاعها على كتاب السيد رئيس مجلس المستشارين عدد 25/245 المؤرخ في 7 يوليو 2025، جوابا على كتاب السيد رئيس مجلس النواب عدد 25/1985 المؤرخ في 3 يوليو 2025، بشأن التعديلات المدخلة على بعض مواد النظام الداخلي المذكور، والمرفقين بهذه الإحالة، مما يكون معه مجلس النواب قد تقيد بالقاعدة الدستورية المشار إليها أعلاه، عند وضعه للتعديلات على بعض مواد نظامه الداخلي، المحال إلى هذه المحكمة لفحص دستوريته؛    
     
وحيث إنه، يبين من فحص مواد النظام الداخلي المعروض، مادة، مادة، أن لا مجال لإعادة فحص دستورية كل مقتضياتها، لكون المحكمة الدستورية سبق لها أن صرحت بمطابقتها للدستور، أو بعدم مخالفتها له، مع مراعاة ملاحظاتها بشأن بعض المواد، حسبما هو ثابت من القرار رقم 24/243 م.د الصادر بتاريخ 7 أغسطس 2024 عن هذه المحكمة، باستثناء إحدى وعشرين مادة، التي أدخلت عليها تعديلات تهم مواضيع تتوقف عليها ممارسة مجلس النواب لاختصاصاته وصلاحياته الدستورية، وفق ما يلي:

في شأن المواد 30 (الفقرتان الثانية والأخيرة) و391 (المقطعان الثاني والخامس) و392 (المقطع الرابع من الفقرة الأولى، والفقرة الأخيرة):

حيث إن المقتضيات المعدِّلة لهذه المواد تنص بالتتابع على إضافة عبارات لتوضيح كيفية إبداء الرأي وفق ما يلي: "...شفويا أو كتابيا...وينحصر إبداء الرأي في التعبير اللغوي دون رفع لافتات احتجاجية أو توضيحية أو القيام باعتصامات داخل المجلس." (المادة 30)، وعلى إلزام النائبات والنواب بالحضور في أعمال اللجان والجلسات العامة وأنشطة المجلس المختلفة، بـ "...المشاركة الفعلية فيها...؛ الامتناع عن رفع لافتات خلال اجتماعات  اللجان والجلسات العامة، أو القيام باحتجاجات أو اعتصامات داخل مقر مجلس النواب؛..." (المادة 391)، وعلى "...عدم رفع اللافتات خلال أشغال اللجان والجلسات العامة، أو القيام باعتصامات داخل مقر مجلس النواب...يقوم رئيس الجلسة أو رئيس اللجنة حسب كل حالة باتخاذ الإجراءات التأديبية المنصوص عليها في المادة 396 من هذا النظام الداخلي،..." (المادة 392)؛  

وحيث إن توضيح إبداء الرأي بالتعبير الشفوي أو الكتابي لا ينطوي على مصادرة للحق في التعبير، وإنما هو تنظيم له بهدف ضمان حسن سير اجتماعات وجلسات المجلس؛

وحيث إن رفع اللافتات الاحتجاجية أو التوضيحية، من شأنه أن يؤدي إلى إرباك اجتماعات اللجان الدائمة أو الجلسات العامة، فإن منعه لا يتعارض مع نجاعة العمل البرلماني، الذي يلزم النائبات والنواب بالانخراط الفعلي والفعال في جميع الأنشطة التي يقوم بها المجلس سواء على مستوى اللجان الدائمة أو الجلسات العامة مع احترام الضوابط التي تحكمها، الأمر الذي يبرر هذا المنع؛

وحيث إن مقر البرلمان مخصص لأداء الوظيفة التشريعية والرقابية، التي تقتضي الانضباط واحترام النظام الداخلي لكلا مجلسيه، وأن منع القيام باعتصامات داخل مقر مجلس النواب من طرف أعضائه، يدخل ضمن حدود التنظيم لهذا المنع بما يحقق التوازن بين حق أعضاء هذا المجلس في إبداء الرأي وبين متطلبات النظام والانضباط داخل المؤسسة البرلمانية بشكل يكفل انتظام العمل البرلماني؛

وحيث إن التعديل المدخل على الفقرة الأخيرة من المادة 392، والمتعلق باتخاذ الإجراءات التأديبية المنصوص عليها في المادة 396 من النظام الداخلي النافذ، في حالة ارتكاب أعضاء مجلس النواب لهذه المخالفات، يروم ضبط سلوكهم وتعزيز الانضباط داخل هذا المجلس؛

وحيث إنه، تبعا لذلك، فإن إدراج جميع المقتضيات المعروضة ضمن هذه المواد، حسب الحالة، ليس فيه ما يخالف الدستور؛

في شأن المواد 68 (المقطعان الأول والثاني من الفقرة الأخيرة) و393 (الفقرة الأخيرة) و400:

حيث إن المقتضيات المعدِّلة لهذه المواد تنص بالتتابع على أن لجنة الأخلاقيات البرلمانية تقوم بـ :"... 
  - دراسة التقارير التي يعدها الأمناء عن احترام مدونة الأخلاقيات البرلمانية في الجلسات العامة مع مراعاة المادة 94 من هذا النظام الداخلي؛
- اقتراح الإجراءات المناسبة، بشأن المخالفات التي يحيلها رئيس الجلسة العامة أو رئيس اللجنة الدائمة على مكتب المجلس، تطبيقا للمادتين 392 و400 من هذا النظام الداخلي؛..." (المادة 68)، وعلى أنه: "...في حال مخالفة مقتضيات الفقرتين السابقتين، يحيل رئيس المجلس الأمر على مكتب المجلس لعرضه على لجنة الأخلاقيات التي تقترح على هذا المكتب الإجراءات الواجب اتخاذها في حق كل نائبة أو نائب خالف المقتضيات المذكورة طبقا لمقتضيات هذا النظام الداخلي." (المادة 393)، وعلى أنه: "...ويحيل وضعيته على مكتب المجلس الذي يعرضها على لجنة الأخلاقيات التي تقترح على هذا المكتب... طبقا لمقتضيات هذا النظام الداخلي." (المادة 400)؛

وحيث إنه، يبين من التعديلات المدخلة على هذه المواد، أنه تمت إضافة اختصاصين للجنة الأخلاقيات لضمان تطبيق مقتضيات النظام الداخلي الخاصة بمدونة الأخلاقيات البرلمانية، وأن اقتراحاتها المتخذة في إطار هذين الاختصاصين أو في حالة عرض الأمر عليها من طرف رئيس مجلس النواب تبقى غير نهائية، إذ لابد من عرضها على مكتب هذا المجلس باعتباره الجهة التي تسهر على حسن تطبيق مقتضيات المدونة سالفة الذكر، طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 97 من النظام الداخلي المعروض، التي سبق لهذه المحكمة أن صرحت بمطابقتها للدستور؛

وحيث إنه، تبعا لذلك، فإن المقتضيات المعدِّلة لهذه المواد، ليس فيها ما يخالف الدستور؛ 


في شأن المادتين 75 و143 (الفقرة الرابعة): 
حيث إن المقتضيات المعدِّلة لهاتين المادتين تنص على أنه: "يعين مكتب المجلس رئيسا ومقرراً لمجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة أحدهما من المعارضة، كما يعين نائبا لكل منهما، وفي حالة شغور إحدى [أحد] هذه المناصب، لأي سبب من الأسباب، يسنده لعضو آخر من أعضاء المجموعة داخل أجل لا يتعدى خمسة عشر (15) يوما من وقوع هذا الشغور على أساس احترام قاعدة التمثيل النسبي." (المادة 75)، وعلى أنه: "...، وفي حالة شغور إحدى [أحد] هذه المناصب، لأي سبب من الأسباب، يعينون من بينهم من يشغل هذا المنصب داخل أجل لا يتعدى خمسة عشر (15) يوما من وقوع حالة الشغور على أساس احترام قاعدة التمثيل النسبي..." (المادة 143)؛

وحيث إن مقتضيات المادة 97 من النظام الداخلي النافذ، تعطي الحق لمكتب مجلس النواب، في متابعة أشغال مجموعات العمل الموضوعاتية المؤقتة ومتابعة أشغال المهام الاستطلاعية المؤقتة، مما يبقى معه المكتب المذكور مختصا في تعيين رئيس ومقرر مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة ونائب لكل منهما؛

وحيث إن ما تم التنصيص عليه من مقتضيات في المادتين المعروضتين، من أنه في حالة شغور أحد المناصب المذكورة لأي سبب من الأسباب، يتعين تعويضه داخل أجل خمسة عشر (15) يوما، يعد أجلا معقولا ومناسبا بما يضمن استمرارية الأشغال المشار إليها، لكن بشرط التقيد بإسناد المنصب الذي كانت المعارضة تشغله داخل مجموعات العمل الموضوعاتية المؤقتة، أو بمناسبة إنجاز المهمة الاستطلاعية المؤقتة، لنائبة أو نائب منها، لتمكينها من النهوض بمهامها على الوجه الأكمل طبقا لأحكام الفصل 10 من الدستور؛

وحيث إنه، تبعا لذلك، وبمراعاة الشرط المذكور، فإن المادتين المذكورتين بصيغتهما المعدَّلة، ليس فيهما ما يخالف الدستور؛

في شأن المادة 127 (الفقرة الأخيرة):

حيث إن الفقرة الأخيرة من هذه المادة تنص على أنه: "...تنظم هذه الأيام الدراسية بمبادرة من مكتب اللجنة، أو بطلب من رئيس فريق أو مجموعة نيابية أو ثلث أعضاء اللجنة بعد موافقة مكتبها."؛

وحيث إن هذا التعديل يروم توسيع دائرة المبادرة بخصوص تنظيم الأيام الدراسية لتشمل مكتب اللجنة الدائمة إلى جانب باقي الأطراف الأخرى المنصوص عليها في هذه الفقرة، بعد موافقة المكتب المذكور، الشيء الذي يضمن توازنا بين توسيع حق المبادرة وضبط قرار التنظيم، مما تكون معه الفقرة الأخيرة من المادة المعروضة بصيغتها المعدَّلة، ليس فيها ما يخالف الدستور؛

في شأن المواد 137 (الفقرات الأولى والرابعة والخامسة والسادسة والأخيرة) و166 (الفقرات الأولى والثانية والأخيرة) و395 (الفقرة الأولى):
    
حيث إن المقتضيات المعدِّلة لهذه المواد في صيغتها النافذة، التي تلزم أعضاء مجلس النواب بالحضور في اجتماعات اللجان الدائمة والجلسات العامة، والمشاركة في أشغالها، تنص بالتتابع على أنه: "...والمشاركة الفعلية...وفي حالة انسحاب إحدى [أحد] مكونات المجلس الأساسية المشار إليها في الفقرة الثانية من الفصل 60 من الدستور تستمر اللجان في أشغالها.
ويعتبر في حكم المنسحب كل نائبة أو نائب عبر عن قرار انسحابه من أشغال اللجان صراحة.
تسجل أسماء الأعضاء...والمنسحبين في محضر...
تتلى أسماء...والمنسحبين في بداية...، وتسجل أسماء...أو الذين انسحبوا في..."(المادة 137)،
وعلى أنه: "...وفي حالة انسحاب إحدى [أحد] مكونات المجلس الأساسية المشار إليها في الفقرة الثانية من الفصل 60 من الدستور تستمر الجلسات في أشغالها.
يعتبر في حكم المنسحب كل نائبة أو نائب عبر عن قرار انسحابه صراحة خلال انعقاد الجلسة... 
تنشر لائحة...والمنسحبين..." (المادة 166)، وعلى أنه: "...أو الانسحاب من أشغالها..." (المادة 395)؛

وحيث إن الدستور ينص في البند الثاني من الفقرة الثالثة من الفصل 69 على ما يلي:

"...
يحدد النظام الداخلي بصفة خاصة:
- ...
- واجبات الأعضاء في المشاركة الفعلية في أعمال اللجان والجلسات العامة، والجزاءات المطبقة في حالة الغياب؛..."؛

وحيث إن الدستور، لما أوكل للنظام الداخلي لمجلس النواب مهمة تحديد واجبات أعضائه، فإنه ينص: "بصفة خاصة" على "المشاركة" و"الغياب"، وبالتالي فإن ما ورد فيه من تحديد لا يفهم منه الحصر، وإنما يوحي بوجود حالات أخرى يمكن تحديدها في النظام الداخلي غير تلك المذكورة صراحة في هذا البند، بما يضمن السير العادي لأشغال المجلس المذكور؛

وحيث إن الدستور، وإن كان لا يمنع صراحة الانسحاب من أشغال اللجان الدائمة والجلسات العامة باعتباره يندرج ضمن استكمال التعبير السياسي المكفول لأعضاء البرلمان ويعكس الطابع التعددي للنقاش البرلماني، فإن ضبطه في النظام الداخلي عن طريق السماح به مع استمرار أشغال اللجان الدائمة والجلسات العامة لمجلس النواب، يبقى جائزا، بشرط أن يكون مبررا ومؤقتا للتعبير عن موقف سياسي مشروع وألا يفضي إلى تعطيل سير العمل البرلماني، وألا  يكون بديلا عن المبدأ الدستوري الذي يلزم أعضاء البرلمان بالمشاركة الفعلية التي لا ينبغي أن تقتصر على الحضور الجسدي فحسب، بل ينبغي أن تشمل الإسهام الفعلي في النقاشات وتقديم الاقتراحات والتعديلات، بما يعكس درجة الالتزام والمسؤولية الفعلية لأعضائه قصد إعطاء المصداقية للعمل البرلماني؛

وحيث إن المقتضيات المعروضة لهذه المواد لم تحصر فعل الانسحاب على المعارضة باعتبارها مكونا أساسيا في مجلس النواب طبقا لأحكام الفصل 60 من الدستور، بل جعلته يشمل كافة أعضائه؛

وحيث إن إيراد النظام الداخلي لمقتضى يؤطر سلوك الانسحاب دون اقترانه بجزاءات تأديبية، لا يشكل مساسا بحقوق أعضاء مجلس النواب، ولا تجاوزا لصلاحياته التنظيمية، بل يعد امتدادا للوظيفة التي خولها له الدستور في تحديد واجبات أعضاء مجلس النواب بما يتماشى مع المبادئ العامة التي تحكم العمل البرلماني؛

وحيث إنه، تأسيسا على ذلك، ومراعاة للشرط المذكور، فإن المقتضيات المعدِّلة للمواد المعروضة، ليس فيها ما يخالف الدستور؛

في شأن المادة 163 (الفقرات الرابعة والعاشرة والأخيرة): 

حيث إن هذه المادة، في صيغتها النافذة، تعطي الحق لأعضاء مجلس النواب في تناول الكلمة في نهاية الجلسة الأسبوعية المخصصة للأسئلة الشفهية للتحدث في موضوع عام وطارئ يستلزم إلقاء الضوء عليه وإخبار الرأي العام الوطني به، وتؤكد على أن برمجة هذا الموضوع تكون باتفاق مع الحكومة التي يمكنها عند الاقتضاء الإدلاء بمعطيات إضافية كتابة لدى رئيس مجلس النواب؛

 وحيث إن المقتضيات المعدِّلة للمادة المذكورة، تنص على ما يلي: "...تعرض جميع هذه الطلبات على مكتب المجلس، للتحقق مسبقا من كونها تهم مواضيع عامة وطارئة... رئيس المجلس يعممها على...والنائبات والنواب غير المنتسبين...، إذا تعذر برمجة طلبات التحدث...تبرمج هذه الأخيرة تلقائيا وتضمن في جدول أعمال جلسة الأسئلة للأسبوع الموالي..."؛

وحيث إن ما نصت عليه الفقرة الرابعة من هذه المادة، جاء منسجما فيما يخص مسألة التحقق مع مقتضيات المادة 279 من النظام الداخلي النافذ لمجلس النواب، التي تنص: "يقوم مكتب المجلس بالتحقق مسبقا من كون الأسئلة الموجهة إلى رئيس الحكومة تتعلق في طبيعتها ومداها بالسياسة العامة."، وذلك في إطار مبدأ الانسجام الداخلي، للنص المعروض؛

وحيث إن تعميم المعطيات الإضافية المكتوبة للحكومة، بخصوص الموضوع العام والطارئ من قبل رئيس مجلس النواب على النائبات والنواب غير المنتسبين، إلى جانب رؤساء الفرق والمجموعات النيابية كما ورد في الفقرة العاشرة من المادة المعروضة، جاء ليشمل كافة مكونات المجلس، ضمانا لحقهم في الحصول على المعلومة؛

وحيث إن البرمجة التلقائية لطلبات التحدث في موضوع عام وطارئ، وتضمينها في جدول أعمال جلسة الأسئلة الشفهية للأسبوع الموالي، كما وضحته الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة، يجب أن يتم باتفاق مع الحكومة وذلك انسجاما مع ما ورد في الفقرة الخامسة من نفس المادة 163 من هذا النظام الداخلي؛ 

وحيث إنه، تبعا لذلك، ومراعاة لهذا الشرط، فإن المقتضيات المعدِّلة للمادة المعروضة، ليس فيها ما يخالف الدستور؛

في شأن المادة 187 (الفقرتان الأولى والثانية):
    
حيث إن الفقرتين الأولى والثانية من هذه المادة تنصان على ما يلي: "تبرمج مكاتب اللجان الدائمة دراسة مشاريع القوانين المعروضة عليها في ظرف أسبوع من تاريخ إحالة هذه المشاريع عليها، وتبرمج دراسة مقترحات القوانين مباشرة بعد تحديد الحكومة لموقفها بشأن هذه المقترحات طبقا للمادة 23 من القانون التنظيمي رقم 065.13 المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، ويتم إخبار الحكومة بكل برمجة عن طريق رئيس المجلس.
 وفي حالة عدم حضور الحكومة لاجتماعات اللجان المخصصة لدراسة مقترحات القوانين بعد القيام بكافة الإجراءات المتعلقة بالمسطرة التشريعية، تبرمج اللجان هذه المقترحات طبقا لمقتضيات هذا النظام الداخلي ولاسيما المادتين 189 و190 منه..."؛

وحيث إنه، يستفاد من أحكام الفقرة الأولى من الفصل 67 من الدستور، وأحكام المادة 24 من القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، أن حضور الحكومة في اجتماعات اللجان الدائمة لمجلسي البرلمان وفي جلساتهما العامة المخصصة للدراسة والتصويت على مقترحات القوانين طبق المسطرة التشريعية، يكرس مبدأ التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، لاسيما أن حضورها لهذه الأشغال يعد أمرا جوازيا، كما يبين ذلك من المدلول اللغوي للأحكام المذكورة، الذي لا ينطوي صراحة على صيغة الإلزام، بل يفتح أمامها باب التخيير ضمنيا، وبالتالي فإن حضور الحكومة لا يعد شرطا جوهريا يترتب على تخلفه بطلان المسطرة التشريعية أو توقفها، طالما أنه لم يثبت أن عدم حضورها نجم عنه مساس بحقها في إبداء رأيها بخصوص مقترحات القوانين المبرمجة؛

وحيث إنه، تبعا لذلك، فإن المقتضيات المعدِّلة للمادة المعروضة، ليس فيها ما يخالف الدستور؛

في شأن المادتين 189 (الفقرة الثانية عشرة) و202 (الفقرة الأخيرة):

حيث إن المقتضيات المعدِّلة لهاتين المادتين تنص على أنه: "...لا تعرض التعديلات التي تغيب أو انسحب أصحابها من اجتماعات اللجان الدائمة..." وعلى أنه: "...لا تعرض التعديلات التي تغيب أو انسحب أصحابها من الجلسات العامة."؛

وحيث إن الفصل 83 من الدستور كفل لأعضاء مجلسي البرلمان وللحكومة حق تقديم التعديلات على مشاريع ومقترحات القوانين؛

وحيث إن هذا الحق المضمون دستوريا لا يمنع من إرساء قواعد إجرائية لتنظيم كيفية ممارسته بمقتضى النظام الداخلي؛

وحيث إن المقتضيات المعروضة لهاتين المادتين، تشترط حضور صاحب التعديلات في اجتماعات اللجان الدائمة أو في الجلسة العامة لمجلس النواب، قصد عرضها على المناقشة والتصويت؛

وحيث إن اشتراط الحضور لعرض هذه التعديلات حسب الحالة، لا يعد تقييداً لحق التعديل، وإنما هو محفز لصاحب التعديلات على تحمل مسؤوليته في الدفاع عنها أثناء مناقشتها بكيفية جدية وفعالة والتصويت لصالحها أو سحبها، استناداً إلى المبدأ الدستوري القاضي بالمشاركة الفعلية التي تعد من الواجبات الملقاة على عاتق أعضاء مجلسي البرلمان، ضمانا لكفالة وظيفة التمثيل المنصوص عليها في الفصل الثاني من الدستور؛
وحيث إنه، تبعا لذلك، فإن المقتضيات المعدِّلة للمادتين المعروضتين، ليس فيها ما يخالف الدستور؛

في شأن المادة 250 (المقطع الأخير):

حيث إن المقتضيات المعدِّلة لهذه المادة تنص على أنه: "...تتولى اللجنة بحضور ممثل الحكومة، دراسة المشروع وتعديله والتصويت عليه بغية التوصل إلى اتفاق مع الحكومة بشأنه خلال نفس اليوم."؛ 

وحيث إن الدستور ينص في الفصل 81 على ما يلي: 

"يمكن للحكومة أن تصدر، خلال الفترة الفاصلة بين الدورات، وباتفاق مع اللجان التي يعنيها الأمر في كلا المجلسين، مراسيم قوانين، يجب عرضها بقصد المصادقة عليها من طرف البرلمان، خلال دورته العادية الموالية.
يودع مشروع المرسوم بقانون لدى مكتب مجلس النواب، وتناقشه بالتتابع اللجان المعنية في كلا المجلسين، بغية التوصل داخل أجل ستة أيام، إلى قرار مشترك بينهما في شأنه. وإذا لم يحصل هذا الاتفاق، فإن القرار يرجع إلى اللجنة المعنية في مجلس النواب."؛

وحيث إن إحالة مشروع المرسوم بقانون من طرف الحكومة، لا تحصر دور اللجنة المختصة في مجلس النواب في مجرد الاطلاع أو الاستماع، بل تعطيها حق تعديل هذا المشروع تفعيلا لدورها التشريعي، وهذا الأمر يستشف من أحكام الفصل 81 المذكور، التي مفادها أنه إذا لم يحصل بين اللجان المعنية اتفاق حول هذا المشروع، فإن القرار يرجع إلى اللجنة المعنية في مجلس النواب؛

وحيث إنه، مراعاة للحيز الزمني الذي تتطلبه دراسة وتعديل هذا المشروع والتصويت عليه قصد التوصل إلى اتفاق مع الحكومة بشأنه، فإن ما تم التنصيص عليه في المقتضيات المعروضة من أن هذه العملية يجب أن تتم خلال نفس اليوم، لا يخل بالأجل الدستوري المحدد في ستة أيام، المنصوص عليه صراحة في الفصل 81 من الدستور؛

وحيث إنه، تبعا لذلك، فإن المقطع الأخير من المادة 250 المعروض، ليس فيه ما يخالف الدستور؛ 

في شأن المادة 254 (الفقرة الأخيرة):

حيث إن المقتضيات المعدِّلة لهذه المادة تنص على أنه: "...تتم دراسة مشاريع القوانين بالمصادقة على مراسيم القوانين طبقا للمسطرة التشريعية المنصوص عليها في هذا النظام الداخلي وخاصة في مادتيه 189 و201."؛

وحيث إن المرسوم بقانون لا يعد قانونا، وإنما هو تدبير مؤقت ونافذ في المجال التشريعي في انتظار المصادقة عليه من طرف البرلمان حتى يكتسب الصفة القانونية النهائية؛

وحيث إن هذه المصادقة تتطلب إحالة هذا المرسوم بقانون من طرف الحكومة على البرلمان في الدورة العادية الموالية؛

وحيث إنه، وإن كان البرلمان باعتباره سلطة تشريعية يتداول في مشاريع ومقترحات القوانين المودعة لديه طبقا لمسطرة التشريع المحددة في الدستور، فإن حقه في تعديل النصوص التشريعية يظل رهينا بالشكل الذي تعرض به هذه النصوص؛

وحيث إن المصادقة على المرسوم بقانون، وإن كانت تعرض من طرف الحكومة في شكل مشروع قانون، إلا أن إصداره من طرف الحكومة يتم في إطار مسطرة خاصة، خلال الفترة الفاصلة بين الدورات، كما هو منصوص عليه في الفصل 81 من الدستور، الأمر الذي يقيد سلطة البرلمان بمجلسيه ويمنعه من مباشرة أي تعديل على هذا المشروع، ويبقى للجان الدائمة والجلسات العامة، حق مناقشته وعرضه لأجل المصادقة عليه دون تعديل؛

وحيث إن ما تم التنصيص عليه من مقتضيات في الفقرة الأخيرة من المادة 254 المعروضة، التي تحيل على المادتين 189 و201 من هذا النظام الداخلي، ترمي إلى تخويل مجلس النواب حق تعديل مشروع القانون القاضي بالمصادقة على المرسوم بقانون دون الأخذ بعين الاعتبار المسطرة الخاصة المقررة دستوريا لإصدار المرسوم بقانون؛
 
وحيث إنه، تبعا لذلك، فإن الفقرة الأخيرة المعدِّلة للمادة 254، غير مطابقة للدستور؛

في شأن المادتين 288 (المقطعان الأول والثاني) و289 (الفقرة الثانية):

حيث إن المقتضيات المعدِّلة لهاتين المادتين تنص على أنه: "يفتتح الرئيس الجلسة...، ويذكر بكل تغيير في ترتيب القطاعات تطلبه الحكومة، ..."، وعلى أنه:"...للنائبة أو النائب أن يطلب الإبقاء على الطابع الشفوي لسؤاله..."؛

وحيث إنه، يستفاد من هذه المقتضيات، من جهة، أن تذكير رئيس الجلسة بكل تغيير يخص إعادة ترتيب القطاعات الحكومية المبرمجة للنقاش خلال جلسة الأسئلة، هو محض تنظيم لضمان تنسيق أفضل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية باعتبار رئيس الجلسة هو المسؤول عن حسن سيرها، ومن جهة أخرى، أن حذف أجل أربع وعشرين ساعة عند طلب تأجيل السؤال إلى جلسة لاحقة يحقق مرونة أكبر لصاحبه الذي يريد الاحتفاظ بالطابع الشفوي لسؤاله حتى لا يحرم من إلقائه؛

وحيث إنه، تبعا لذلك، فإن المقتضيات المعدِّلة للمادتين المعروضتين، ليس فيها ما يخالف الدستور؛

في شأن المادة 298 (المقطعان الثالث والأخير):

حيث إن المقطعين الثالث والأخير من هذه المادة ينصان على أنه: "تنشر الأسئلة الكتابية، وأجوبة أعضاء الحكومة عنها في الجريدة الرسمية للبرلمان، مع ضرورة مراعاة مضمون هذه الأجوبة ومدى احترامها لمقتضيات القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، ولا تتم عملية نشر هذه الأجوبة في هذه الحالة إلا بعد الحصول على موافقة كتابية من النائبات والنواب المعنيين بهذه الأجوبة."؛

وحيث إن ما تم التنصيص عليه في المقطع الثالث من المادة المعروضة، من ضرورة مراعاة مضمون أجوبة الحكومة قبل نشرها بالجريدة الرسمية، ومدى احترامها لمقتضيات القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، يروم عقلنة عملية نشر الأسئلة الكتابية لأعضاء مجلس النواب وأجوبة أعضاء الحكومة عنها في الجريدة الرسمية للبرلمان، ضمانا لنجاعة عمله؛

وحيث إنه، تبعا لذلك، فإن المقطع الثالث من المادة 298 المعروض، ليس فيه ما يخالف الدستور؛

وحيث إن ما تم التنصيص عليه في المقطع الأخير من المادة المعروضة، من اشتراط الموافقة الكتابية لعضو مجلس النواب على نشر مضمون أجوبة الحكومة على الأسئلة الكتابية في الجريدة الرسمية، فإنه يحدّ من إمكانية نشر أجوبتها في هذه الجريدة، ويمنح أعضاء مجلس النواب سلطة تقديرية على نشر معلومة تخص الغير؛ 

وحيث إنه، وإن كانت أحكام الفقرة الأولى من الفصل 69 من الدستور، تقر استقلال مجلس النواب بوضع نظامه الداخلي، فإن ذلك لا يُسَوّغ له أن يضمن هذا النظام ما يقيد الغير، دون سند من الدستور؛

وحيث إنه، تبعا لذلك، يكون المقطع الأخير من المادة 298 غير مطابق للدستور؛

لهذه الأسباب:

أولا- تقضي بأن: 
1- المواد 30 و68 و75 و127 و137 و143 و163 و166 و187 و189 و202 و250 و288 و289 و298 (المقطع الثالث) و391 و392 و393 و395 و400 من النظام الداخلي لمجلس النواب بصيغتها المعدَّلة، كما أقرها مجلس النواب في جلسته العامة المنعقدة في 8 يوليو 2025، غير مخالفة للدستور مع مراعاة ملاحظات المحكمة الدستورية بشأن المواد 75 و143 و137 و163 و166 و395؛

2- الفقرة الأخيرة من المادة 254 والمقطع الأخير من المادة 298، غير مطابقين للدستور؛

3- باقي مقتضيات المواد المعدَّلة، وباقي مقتضيات المادة 254 (الفقرة الأولى) والمادة 298 (المقطعان الأول والثاني)، وباقي مواد النظام الداخلي المعدًّل، لا مجال لفحص دستوريتها، لأنه سبق للمحكمة الدستورية، أن صرحت بمطابقتها للدستور أو بعدم مخالفتها له مع مراعاة الملاحظات التي أبدتها بشأنها؛

ثانيا- تصرح بفصل الفقرة الأخيرة من المادة 254 والمقطع الأخير من المادة 298، المصرح بعدم مطابقتهما للدستور عن مقتضيات هاتين المادتين، ويجوز بالتالي العمل بالنظام الداخلي لمجلس النواب بعد حذف المقتضيين المذكورين؛

ثالثا- تأمر بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى السيد رئيس مجلس النواب، وبنشره في الجريدة الرسمية.

وصدر بمقر المحكمة الدستورية بالرباط في يوم الإثنين 10 من صفر 1447              
(4 أغسطس 2025)

الإمضـاءات
محمد أمين بنعبد الله

عبد الأحد الدقاق                   محمد بن عبد الصادق                    محمد الأنصاري

لطيفة الخال             الحسين اعبوشي             محمد علمي                خالد برجاوي

أمينة المسعودي            نجيب أبا محمد             محمد قصري             محمد ليديدي