المملكة المغربية الحمد لله وحده
المجلس الدستوري
ملفات رقم : 95/52 و95/54
قرار رقم : 96/109 م د
باسم جلالة الملك
المجلس الدستوري ،
بناء على الدستور ، خصوصا الفصل 79 منه ؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري ؛
وبناء على الظهيـر الشـريف رقـم 177-77-1 الصـادر فـي 20 من جمادى الأولى 1397 (9 ماي 1977) المعتبر بمثابة القانون التنظيمي المتعلق بتأليف مجلس النواب وانتخاب أعضائه ، كما تم تغييره وتتميمه ؛
وبعد الاطلاع على العريضتين المسجلتين بالأمانة العامة للمجلس الدستوري في 27 يوليو 1995 و28 يوليو 1995 اللتين قدمهما السيدان عبد الرحمان شناف و سعيد العباسي ـ بصفتهما مرشحين ـ ملتمسين إلغاء انتخاب السيد علي أبركاك البوعزاوي عضوا بمجلس النواب ، في نطاق الهيئة الناخبة المكونة من أعضاء مجالس الجماعات التابعة لعمالة الدار البيضاء ـ أنفا ، على إثر الانتخابات التشريعية الجزئية التي أجريت في 14 يوليو 1995 ؛
وبعد الاطلاع على المذكرتين الجوابيتين المسجلتين في فاتح سبتمبر 1995 بالأمانة العامة للمجلس الدستوري وعلى مذكرتي تعقيب الطاعنين المسجلتين بنفس الأمـانة العـامة بتـاريخ 5 أكتـوبر 1995 و20 أكتوبر 1995 ؛
وبعد الاطلاع على المستندات المدلى بها ؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون ؛
حيث إن الطعنين اللذين تقدم بهما السيدان عبد الرحمان شناف وسعيد العباسي يتعلقان بنفس العملية الانتخابية ، الأمر الذي ينبغي معه ضم ملفيهما للبت فيهما بقرار واحد ؛
في شأن المآخذ المتعلقة بالحملة الانتخابية :
حيث إن المآخذ تتلخص في أن المطعون في انتخابه استمر في القيام بحملته الانتخابية إلى غاية افتتاح الاقتراع وواصلها أثناءه ، وأنه بذل المال واستغل كونه رئيسا لمجلس إحدى الجماعات الحضرية لإغراء الناخبين والضغط عليهم قصد حملهم على التصويت لفائدته ، وأن الإدارة تدخلت في الحملة الانتخابية، وذلك ، من جهة ، بمنعها أحد المرشحين من الدعاية لنفسه وحمله على التنازل لصالح المطعون في انتخابه ، ومن جهة أخرى بالضغط على بعض الناخبين وحثهم على التصويت لهذا الأخير ؛
لكن حيث إن هذه المآخذ تعوزها الدقة ولم تدعم بما يثبتها ، الأمر الذي يجعلها غير جديرة بالاعتبار؛
في شأن المآخذ المتعلقة بتشكيل مكتب التصويت
حيث إن هذه المآخذ تتمثل في خرق أحكام الفصل 30 من الظهير الشريف رقم 177-77-1 المشار إليه أعلاه وذلك ، من جهة ، لكون عامل الدار البيضاء ـ أنفا أقدم بمفرده على تعيين رئيس المكتب الوحيد للتصويت ومن يخلفه عند تغيبه دون تمكين اللجنة الإقليمية للسهر على نزاهة الانتخابات من المشاركة في هذا التعيين طبقا للشروط التي حددتها اللجنة الوطنية للسهر على نزاهة الانتخابات ووقع التذكير بها في منشورات وزارية ، ومن جهة أخرى لكون السلطة المحلية قامت بتعيين أعضاء مكتب التصويت قبل يوم الاقتراع ، في حين أن عضوية مكاتب التصويت يجب أن يتولاها قانونا الناخبان الأكبران سنا والناخبان الأصغران سنا ـ غير المرشحين ـ الذين يحسنون القراءة والكتابة ويكونون حاضرين بمكان التصويت عند افتتاح الاقتراع ؛
لكن ،
من جهة ، حيث إن أحكام الفصل 30 المذكور أعلاه تخول عمال العمالات والأقاليم وحدهم صلاحية تعيين رؤساء مكاتب التصويت ونوابهم بشرط أن يختاروهم من بين موظفي إدارات الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ، أو من بين الناخبين الذين يحسنون القراءة والكتابة ـ وهو ما ليس محل نزاع في النازلة ـ وليس من شأن نصوص أو أعمال لا تكتسي طابعا تشريعيا أن تقيد نصا تشريعيا أو تضيف إليه ما ليس فيه ؛
ومن جهة أخرى ، حيث إن دعوى إقدام الإدارة على تعيين أعضاء مكتب التصويت قبل يوم الاقتراع لم تدعم بأية حجة ؛
وحيث إنه بناء على ما سبق تكون المآخذ المتعلقة بتشكيل مكتب التصويت غير مرتكزة على أساس في شقها الأول وغير جديرة بالاعتبار في شقها الثاني ؛
في شأن المآخذ المتعلقة بالعمليات الانتخابية
حيث إن هذه المآخذ تتلخص ، من جهة أولى ، في خرق أحكام القانون رقم 92-12 المتعلق بوضع ومراجعة اللوائح الانتخابية العامة وتنظيم انتخابات مجالس الجماعات الحضرية والقروية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 90-92-1 المؤرخ ب 9 ذي الحجة 1412 (11 يونيو 1992) ، فيما تنص عليه مادته 43 المطبقة على الانتخـابات التشريعية بمقتضى الفصل 31 من الظهير الشريف رقم 177-77-1 المومأ إليه أعلاه ، وذلك بدعوى أن أربعة ناخبين صوتوا دون إدلاء أي منهم ببطاقة تعريفه وبطاقته الانتخابية ودون أن يشار في المحضر إلى أن أعضاء مكتب التصويت أو ناخبين يعرفهما أعضاء المكتب قد عرفوا بهويتهم ، ومن جهة ثانية في كون الأوراق الملغاة الثمانية التي تمخضت عنها نتيجة الاقتراع لم ترفق بمحضر مكتب التصويت في غلاف مستقل مختوم وموقع عليه من رئيس وأعضاء المكتب ولم يشر في المحضر إلى سبب إلغائها خلافا لما ينص عليه الفصل 32 من الظهير الشريف رقم 177-77-1 المشار إليه أعلاه ، ومن جهة ثالثة في كون ناخب شارك في الاقتراع بالرغم من كونه فقد حق التصويت بعد صدور حكم من محكمة الاستئناف بالدار البيضاء يقضي بمعاقبته بشهرين حبسا نافذا ؛
عن التصويت بدون بطاقة التعريف والبطاقة الانتخابية
حيث إنه يبين من الاطلاع على محضر مكتب التصويت الوحيد المدلى به وعلى نظيره المودع في المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء ـ أنفا أنه تضمن ـ خلافا لما ورد في الادعاء ـ من جهة ، أن ممثل أحد الطاعنين لاحظ أن ثلاثة ناخبين صوتوا بدون الإدلاء ببطاقة تعريف ، ومن جهة أخرى أن ناخبا واحدا فقط صوت بدون الإدلاء بالبطاقة الانتخابية بعد إثبات هويته برخصة السياقة والتحقق من ورود اسمه في لائحة الناخبين حيث احتل الرتبة السابعة ضمن 139 ناخبا مسجلا ؛
وحيث إن التصويت بدون الإدلاء ببطاقة تعريف لا يعيب في حد ذاته العملية الانتخابية بشرط وقوع التحقق من هوية الناخب قبل السماح له بالتصويت ، ولم يثبت الطاعن بل ولم يدع أنه لم يقع التحقق من هوية الناخبين الثلاثة المذكورين ، إذ غاية ما لاحظه ممثله هو تصويتهم بدون الإدلاء ببطاقة تعريف وهو ما لا يلزم منه عدم التحقق من هويتهم ؛
وحيث إن القانون يسمح للناخب الذي أضاع أو نسي بطاقته الانتخابية أن يصوت بدون الإدلاء بها بشرط أن يعرف بهويته أعضاء مكتب التصويت أو ناخبان يعرفهما أعضاء هذا المكتب ، وقد قام أعضاء المكتب بذلك في النازلة حين تحققوا من هوية الشخص المعني ومن أن له صفة ناخب ولم يثبت الطاعن بل ولم يدع خلاف ذلك ؛
عن الأوراق الملغاة :
حيث إنه بالرجوع إلى محضر مكتب التصويت الوحيد ، المودع لدى المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء ـ أنفا ، يبين أن ما نعت فيه بالأوراق الملغاة هو عبارة عن ثماني غلافات فارغة تعد باطلة من أصلها وقد جعلت ـ خلافا لما ورد في الادعاء ـ في غلاف مختوم وموقع عليه من رئيس وأعضاء مكتب التصويت وأضيفت إلى المحضر ، ولا يوجد في القانون ما يوجب بيان أسباب بطلانها في هذا الأخير ؛
عن مشاركة ناخب في الاقتراع بالرغم عن كونه فقد حق التصويت :
حيث إنه على فرض أن حكم محكمة الاستئناف ـ المستدل به على فقدان ناخب لأهلية التصويت ـ قد صار غير قابل للطعن بطريق النقض قبل تاريخ الاقتراع ، وأن الناخب المذكور قد صوت ، والحالة هذه، لفائدة المطعون في انتخابه فإن استبعاد صوته من حصيلة الأصوات التي حصل عليها هذا الأخير ليس له تأثير في نتيجة الاقتراع ؛
وحيث إنه تأسيسا على ما سبق تكون المآخذ المتعلقة بالعمليات الانتخابية غير جديرة بالاعتبار في أي وجه من وجوهها ؛
في شأن المآخذ المتعلقة بتحرير المحاضر :
حيث إن هذه المآخذ تتلخص في ادعاء أن محضر مكتب التصويت الوحيد قد تم توقيعه في الساعة الرابعة والنصف من يوم الاقتراع ، قبل انتهاء عمليات التصويت والفرز خلافا لما ينص عليه الفصل 33 من الظهير الشريف رقم 177-77-1 المومأ إليه أعلاه من أن المحاضر تحرر فور انتهاء عملية الفرز ، وأن المحضر لم ينص على أن عدد الغلافات الموجودة داخل صندوق الاقتراع كان موافقا (أو غير موافق) لعدد المصوتين ؛
لكن ،
حيث ، من جهة ، إن محضر مكتب التصويت المودع لدى المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء ـ أنفا إذا كان يوافق ما جاء في الادعاء من توقيع المحضر على بياض قبل انتهاء عملية الفرز فإنه تضمن أيضا أن المحضر المذكور وقع تمزيقه على إثر تدخل ممثلي الطاعنين ، كما صرح به أحدهما في عريضته ، الأمر الذي يستخلص منه أنه لم يعتمد لتسجيل نتيجة الاقتراع ، ولم يرد في الادعاء أن المحضر المعتمد شابه نفس العيب ؛
وحيث ، من جهة أخرى ، إن محضر مكتب التصويت الوحيد المودع لدى المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء ـ أنفا يتضمن التنصيص على أن عدد الغلافات وافق عدد المصوتين وأن عدم تضمين ذلك في نظيره المدلى به ناتج عن مجرد إغفال ؛
وحيث إنه على ما سبق تكون المآخذ المتعلقة بتحرير المحاضر غير جديرة بالاعتبار في وجهيها معا ؛
لهذه الأسباب
أولا : يقضي برفض طلب السيد عبد الرحمان شناف وطلب السيد سعيد العباسي الراميين إلى إلغاء انتخاب السيد علي ابركاك البوعزاوي عضوا بمجلس النواب ؛
ثانيا : يأمر بنشر قراره هذا في الجريدة الرسمية وتبليغ نسخة منه إلى السيد رئيس مجلس النواب وإلى الأطراف المعنية ؛
وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط يوم الثلاثاء 13 من ذي القعدة 1416 (2 أبريل 1996)
الإمضاءات
عباس القيسي
عبد العزيز بن جلون إدريس العلوي العبدلاوي الحسن الكتاني
محمد الناصري عبد اللطيف المنوني محمد تقي الله ماء العينين
عبد الهادي ابن جلون أندلسي عبد الرزاق الرويسي